بقلم - علي العمودي
تابعنا خلال الأيام القليلة حالة الحزن التي عصفت بشرائح واسعة من البشر مع وفاة الدكتور المصري محمد مشالي، المعروف بـ«طبيب الغلابة»، ورحيله المفاجئ عن عمر يناهز الـ 76 عاماً، في أيام مباركة، وغمرت وسائط ومواقع التواصل الاجتماعي عاصفة من التأثر والترحم من الجميع على الراحل النبيل.
نعاه فارس الأمل وصانعه الأول في العالم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي «رعاه الله»، قائلاً: لقد كان «الدكتور محمد مشالي من جمهورية مصر الحبيبة صانع أمل من نوع مختلف، 50 عاماً من حياته لأجل علاج الفقراء، نموذج للأطباء وقدوة للعظماء، رحمه الله وأسكنه الفردوس الأعلى من جنته في مقعد صدق عند مليك مقتدر».
لم يكن الكثيرون منا ليعرفوا بوجود الرجل، وما كان يقدمه من أعمال، لولا إطلالته الخاطفة في البرنامج الإماراتي الإنساني «غيث» رمضان الماضي، وانبهروا بجليل صنيعه، وروحه المتفانية، وزهده، وتواضعه، ورفضه لأي تكريم شخصي له، وأن كل ما يقدمه لوجه الله، وتنفيذاً لوصية والده الذي أوصاه بالفقراء خيراً، لذلك لم يكن رسم الكشف في عيادته في ذلك الحي الشعبي، يتعدى الـ 5 جنيهات، وفي أحيان كثيرة يعفي المريض منها، عندما يلمس عوزه.
في رحيله دعا له من يعرفه ولا يعرفه في مختلف بقاع العالم، ممن عرفوا بقصته وأعماله النيرة القيمة، وكان أكثر المتأثرين جموع الفقراء والمساكين الذين نذر نفسه وحياته لأجلهم. مواقف سجلت ودموع ذرفت، تعبر عما يتركه الأثر الطيب في النفوس المحبة للخير وللآخرين، كعظمة الأعمال الجليلة للدكتور مشالي وأمثاله، ممن يؤمنون بأن الإنسان وُجد لخدمة أخيه الإنسان، وستظل أعمالهم خالدة في القلوب، مهما تعاقبت الأعوام والسنون.
أمام عظمة التفاني وحب العطاء والبذل للخير، تتضاءل صور الذين جعلوا من مهنة نبيلة سامية، كالطب، وسيلة للاتجار وتحقيق الأرباح الفاحشة، على حساب آلام وأرواح من أنهكهم المرض، وأتعبتهم الأسقام والعلل، وحالت الظروف المادية دون وصولهم للعلاج ودور الاستشفاء، إذ سيمضي الذين تورمت ثرواتهم على حساب المرضى دون أثر، ويصبحون نسياً منسياً، بينما يبقى أمثال «طبيب الغلابة» خالدين في الذاكرة وكتب التاريخ، وقد رحلوا للدار الآخرة فرحين بما وعدهم خالقهم من حسن مآل لكل من عمل وقدم صالحاً، ابتغاء مرضاة ربه. رحم الله «طبيب الغلابة».