بقلم - علي العمودي
اليوم تكتب الإمارات التاريخ من جديد، وتدون فصلاً جديداً في سِفر المجد، من مجلدات الملحمة الكبرى التي كُتب أول سطورها على كثبان الصحراء قبل أقل من خمسين عاماً.
اليوم ينطلق مسبار الأمل، الأول من نوعه عربياً وإسلامياً، يروي للعالم قصة أول عد تنازلي باللغة العربية يشهده العالم، والمسبار ينطلق نحو طبقات الفضاء باتجاه المريخ، تتابع أدق تفاصيله عقول إماراتية شابة من غرفة العمليات بمنطقة الخوانيج في دبي.
الحدث وقيمته من الناحية العلمية والاقتصادية تحدث فيه المتحدثون المتخصصون، إنما أتوقف أمام الدلالات العظيمة لرسالة الإمارات، وما تحمله من حرص على بث روح الأمل في أمة عظيمة، انطلاقاً من أن «لا شيء مستحيل» في وطن اللامستحيل. إنها إرادة رجال ينحتون الصخر ويروضون الجبال ويحرثون البحر.
ما بين حلم بزغ ذات نهار على عرقوب السديرة والغرفة الأعجوبة في الخوانيج، رحلة طويلة مليئة بتحديات طوعتها رؤى قادة ملهمين، ونسجت حكايات تُروى للأجيال.
اختيار اسم «مسبار الأمل» بحد ذاته يروي انشغال الإمارات بإذكاء جذوة الأمل في قلوب ملايين الشباب العربي والمسلم، بأن هذه الأمة قادرة على استئناف الحضارة، مستندة إلى إرث عظيم أنار بضياء علومه واستكشافاته الكون، عندما كان العالم غارقاً في سباته العميق وظلمات الجهل المستشري.
رسالة تبث روحاً جديدة في شباب الأمة للإقبال على العلم، باعتباره مفتاح صناعة المستقبل الواعد، وهو المفتاح الذي اعتمدت عليه الإمارات، وهي تفخر اليوم بعشرات الشباب والشابات من نسل إمارات العطاء والمحبة، شباب صنعوا وجهزوا لهذا اليوم وجعلوه حقيقة واقعة، بصور زاهية بهية تروي للعرب والعالم أجمع قيمة الاستثمار في أغلى موارد الأوطان.. الإنسان.
يدخل «مسبار الأمل» مساره بعد أن يقطع 493.5 مليون كيلومتر في 7 أشهر، لإتمام إطلاق المسبار بنجاح إلى الكوكب الأحمر، أي في فبراير 2021 مع احتفالات بلادنا باليوبيل الذهبي لقيام الإمارات.
رحلة تختزل كل صور البذل والعطاء والطموح والإصرار في تجاوز المستحيل، وقدرة الإنسان على صنع المستقبل الجدير به، والحياة الكريمة والغد المشرق للأجيال القادمة، ببناء العقول وحسن تدبير وإدارة الموارد والطاقات.
ومع كل مشاعر الفخر والاعتزاز التي تغمر كل إماراتي وعربي ومسلم نقول: شكراً لكل من جعل هذا اليوم ممكناً، ولقادتنا كل الشكر والامتنان، وعلى العهد باقون لتظل راية الإمارات شامخة في علياء ذرى الأمجاد.