بقلم : علي العمودي
عندما أعلنت وزارة التربية والتعليم في البداية عن تخصيص يومين الأسبوع الفائت لاختبار تجربة «التعلم عن بعد» ثارت ضجة غير مبررة، ساهمت في إذكائها الوزارة بالطريقة الغامضة التي أُعلنت بها. قبل أن تعلن رسمياً تقديم إجازة الربيع لتبدأ من اليوم الثامن من مارس وحتى الرابع من أبريل المقبل، بحيث لا يوجد أي طالب في المدارس خلالها، وتخصيص الأسبوعين الأخيرين من تلك الفترة لتطبيق مبادرة «التعلم عن بعد».
قبل الخوض في جدوى المبادرة، نقول إن الضجة التي شهدها الميدان كشفت عن جوانب عدة تتطلب من الوزارة مقاربتها وملامستها، وفي مقدمتها عدم وجود خيارات وبدائل لأولياء الأمور للبقاء في المنزل مع الأبناء بدلاً من تركهم للعمالة المنزلية. وكذلك وجود فئات من الطلبة غير مستعدة لعدم توافر كمبيوتر محمول «لابتوب» لديها، وهي أمور تتطلب وضعها في الاعتبار عند التوسع في التجربة.
وزارة التربية والتعليم بذلت جهداً كبيراً في توفير البنية التحتية المطلوبة لإنجاح التجربة، لولا طريقتها المرتجلة في التطبيق، مع سجلها الحافل على صعيد الموقع الإلكتروني والنقلة الرقمية للمنصات التابعة للوزارة.
«التعلم عن بعد» تجربة فرضتها اليوم الظروف والإجراءات الاحترازية التي تقوم بها مختلف أجهزة الدولة في مواجهة فيروس «كورونا» المستجد الذي تفشى في مناطق مختلفة من العالم الذي أصبح فعلاً قرية صغيرة، وملايين البشر يتدفقون على بلادنا في رحلاتهم بين شرق الأرض وغربها وشمالها وجنوبها، ولكنها تجربة برسم التوسع لأنها ستكون المستقبل عاجلاً أم آجلاً.
في حالتنا، ومن واقع الضجة التي واكبت الفترة التجريبية الأسبوع الفائت، فإن «العمل عن بعد» تجربة هي أيضاً بحاجة للدراسة خاصة مع وجود التقنيات المتاحة في الكثير من المرافق والمؤسسات والجهات الخدمية التي أعلنت بدورها عن التوسع في خدماتها الرقمية وتطبيقاتها الذكية لخفض أعداد المراجعين لها إلى أدنى الحدود الممكنة مواكبة للإجراءات المتبعة خلال هذه الفترة التي يمر بها العالم بأسره.
نجاح تجربتي التعلم والعمل عن بعد عقب انقشاع الظروف الاستثنائية رهن بتحرر مؤسساتنا من العقليات «المعششة» في أقسام ودوائر الموارد البشرية والتي لا تزال مقيمة في أبراج «التكلس» والبيروقراطية دون إدراك للمنافع الاقتصادية والاجتماعية، وحتى البيئية لمثل هذه التوجهات في عصر الأداء الرقمي.