بقلم : علي العمودي
كل من تابع القرارات الأخيرة التي اتخذتها بعض الدول الغربية -وفي مقدمتها الولايات المتحدة، وكذلك بريطانيا وأستراليا- حول إجراءات السفر، ومنع اصطحاب الكمبيوتر المحمول على متن الطائرات القادمة من مطارات في منطقتنا، أدرك أن الأمر لا يتعلق بتهديدات أمنية محددة، قدر ما استهدف ناقلاتنا الوطنية والخليجية، وبالذات طيران الاتحاد وطيران الإمارات و«القطرية»، والتي أصبحت رقماً مهماً في صناعة السفر والسياحة في عالم اليوم.
لا يوجد من لا يحترم القرارات السيادية للدول الأخرى، خاصة ما تتخذه من إجراءات لحماية وصون أمنها الوطني والداخلي، ولكن ما جرى خلال الأسابيع الأخيرة، لم يكن سوى استهداف لمطارات معينة بإجراءات غير مدروسة بجدية.
الإرهاب آفة دولية عابرة للقارات والحدود، وخطره لا يقتصر على دولة لوحدها، ولم تعد أي دولة بمنأى عنه، ما يتطلب تضافر الجهود والتعاون في مجال تبادل المعلومات، وعدم إيواء المجرمين أو تسهيل إقامتهم هنا أو هناك تحت ذرائع مختلفة.
أقطار مجلس التعاون لدول الخليج العربية، عانى العديد منها من الإرهاب في أوقات مختلفة، وقد كانت من أوائل الدول التي حذرت مبكراً من خطورة الجماعات المتاجرة بالدين، والتي آوتها أوروبا في أوقات سابقة قبل أن تكتشف الوجه القبيح لتلك الجماعات التي توالدت منها منظمات التطرف والعنف والإرهاب الدموي.
كما كانت في مقدمة صفوف الحرب العالمية على الإرهاب، وحققت انتصارات مشهودة على مختلف الصعد لقطع دابر الإرهابيين واستئصال شأفتهم وتجفيف منابعهم المالية والفكرية. وهي -أي دولنا الخليجية -تعد شريكاً مهماً وأساسياً في حرب عالمية بلا هوادة للقضاء على الإرهاب أينما كان وكيفما كانت الصورة أو القناع الذي يتستر خلفه.
من هنا، كانت الغرابة من تلك الإجراءات الغربية التي نعود لنقول إن لا علاقة لها بتعزيز الاستعدادات الوقائية الأمنية، فالذي يريد أن يستهدف طائرة متجهة إلى تلك الوجهات الغربية، سينطلق من مطار غير مشمول بالإجراءات التي أعلنوا عنها. ومن يملك التقنية العالية للغاية للسيطرة على طائرة وشل حركتها، وهي في الأجواء، ليس بحاجة لكمبيوتر محمول داخل مقصورتها. الإجراءات الغربية الجديدة، لم تقلل من حماسنا وحرصنا على استخدام ناقلاتنا الوطنية والخليجية في السفر إلى تلك الوجهات الغربية، لأنها فعلاً تقدم مستوى رفيعاً من الخدمات عجزت عنه نظيراتها الغربية وبلدانها التي لا تزال تكابر بإجراءاتها الانتقائية.
المصدر : الاتحاد