بقلم : علي العمودي
من يتابع الفوضى العارمة على مواقع التواصل الاجتماعي يستغرب لمستوى انحدار البعض وحالة الانفصام التي يعانيها، ويفتقر معها لأبسط مقادير الأدب والاحترام واحترام التنوع والاختلاف في الرأي.
ولعل من محاسن هذه الوسائط أنها كشفت الأقنعة وأماطت اللثام عن البعض، فالكلمات المعدودات التي يدونها تكشف للآخر حقيقة شخصيته من دون تجميل. وللأسف من هؤلاء كتاب ومثقفون يقدمون أنفسهم على أنهم من النخب.
تجده يندفع ودون تروٍّ لكيل التهم وتوجيه الكلمات والعبارات الجارحة - ومنها ما يندرج تحت القذف والسب وإثارة النعرات والتفرقة بين الناس- فقط لأن أمراً ما لم يعجبه أو يخالف قناعاته ومعتقداته.
تمر علينا عبر هذه الوسائط مشاهد ومواقف عدة، منها ما نتفق معها وكثير منها قد نختلف عليها أو لا نتوافق عليها، ويمكن إبداء الرأي فيها من بأسلوب راق يترفع عن شخصنة الأمور، وإثارة النعرات، أو الخوض في الأعراض.
لقد جاءت جملة القوانين التي تنظم التعامل عبر التقنيات والوسائط الجديدة لتردع غير المنضبطين ممن يعتقدون أن هذا الفضاء مفتوح لهم لينصّبوا أنفسهم أوصياء على الدين أو الفضائل، ويعدّون غيرهم منحرفين ومشوهين في سلوكياتهم ومعتقداتهم.
بعض هؤلاء المنفلتين عبر مواقع التواصل الاجتماعي بدا وكأنما هو مصدوم عندما وجد نفسه وحيداً أمام المسؤولية القانونية لما دوّن، معتقداً أنها ستمر مرور الكرام، ولن تستوقف أحداً في هذا المجتمع والقانون الذي ينظم حياة الجميع، ويتساوى أمامه الجميع.
وبالرغم من حملات التوعية للعديد من الجهات المختصة لتعريف الناس بتبعات ما يكتبون ويدوّنون على صفحاتهم في هذا الفضاء الفسيح، نجد أن الكثيرين لا يدركون نتائج أفعالهم إلا بعد أن «تقع الفاس في الراس» كما يقول المثل الدارج.
نفتخر بأن « الاتحاد» الصحيفة، الصرح الذي أتشرف بالانتساب إليه، كانت من السباقين لإطلاق حملات التوعية لتذكير مستخدمي هذه الوسائط بمسؤوليتهم، فالمسألة ليست براعة في تسجيل كلمة، أو موقف والانفراد بنشر صورة، بقدر ما هي تخيل مقدار الأذى الذي يمكن أن يلحق بالطرف الآخر. ولعل أقرب نماذج يمكن إيرادها في هذا الموقف ما شهدته تلك المواقع بعد نتيجة منتخبنا الوطني لكرة القدم مع نظيره الياباني، أو في ذلك المقطع المصور الذي تم تداوله لفتاة محجبة في برنامج تلفزيوني لدى لقائها نجماً رياضياً، باختصار انتبهوا يا قوم لمسؤولية ما تكتبون!
المصدر : الاتحاد