بقلم : علي العمودي
كنت أعتقد أن عبارة «السيستم واقع» أو «داون» قد اختفت من قاموس الكثير من دوائرنا ومؤسساتنا ونحن في سباق «الأداء الذكي» وتجاوز «الإلكتروني» من أجل إسعاد المتعاملين، ولكني فوجئت بالعبارة من جديد وهي تصدم مراجعي كاتب العدل بمركز خدمات المتعاملين ببرج «غرفة التجارة» في العاصمة أبوظبي قبل ظهر أمس الأول.
كان المكتب الواقع عند أول المدخل يعج بالمراجعين، ومنهم رجال أعمال إماراتيون وأجانب، أغلبهم في عجالة من أمره، يطالع بقلق شاشات الأرقام أو ساعته أو يتسلى بملل واضح بهاتفه النقال في انتظار دوره. وبعد نحو ساعة من الانتظار، صدمهم الموظف هناك بالعبارة الشهيرة «السيستم واقع»، ولم يكن أمام المتجمعين في القاعة من بديل سوى الانتظار إلى ما شاء الله حتى ينهض «السيستم» من «كبوته» أو الخيار الآخر الذي قاله رجل أعمال أوروبي لمرافقه بالتوجه إلى مقر دائرة القضاء في الطرف الآخر من المدينة، حسبما اقترحه عليهم الموظف الذي كان يحاول تهدئة الحشود الغاضبة والمتجمعة عند الباب المغلق للمسؤول عن ذلك القسم.
عندما جاءت فكرة المنصة الواحدة لإنجاز المعاملات كان الهدف منها تسهيل وتسريع إنجاز المعاملات وتحت سقف واحد، وعدم إشغال المتعاملين بالطلبات الورقية المتكررة، وتجنبيهم عناء التنقل ما بين مباني الدوائر المتناثرة في مختلف مناطق العاصمة، وجرى بعد ذلك التوسع في التعامل الإلكتروني قبل إطلاق التطبيقات الذكية لإنجاز التعاملات عبر الهواتف النقالة.
لدى سماع المرء عبارة «السيستم واقع» يتبادر للذهن جدوى الاستثمارات الكبيرة التي تنفقها الدوائر والمؤسسات على «السيستم» وتطويره، وهي مبالغ طائلة، ومع هذا لا يتوافر لها الدعم الكافي الذي يسند سير الأداء عند تعطل النظام الرئيس. والذي يستسهل معه الموظفون إرجاء إنجازات المعاملات المعلقة إلى وقت لاحق أو يوم تالٍ. وكأنما هذه العبارات قد أصبحت البديل العصري لتلك العبارة الشهيرة «مر علينا باكر» المتوارثة من عهد الروتين الغابر.
أحد المراجعين قال لمن حوله «السيستم» صار عذر الموظفين لمغادرة مكاتبهم لأي غرض كان، تعليق يكشف فقدان أمثاله للثقة في تحميل جهاز مسؤولية تعطيل سير العمل، خاصة أن هذه المبررات والأعذار الواهية لم تعد مقبولة في عصر صدارة التنافسية والرؤى الواضحة المعالم للأداء المتطور والإنتاجية و«إسعاد المتعاملين» لا خدمتهم فقط كأنما هو واجب ثقيل.