بقلم : علي العمودي
نجاح تجربة العمل عن بُعد في الإمارات خلال فترة قياسية وجيزة، ورغم أن الذي سرّع في تطبيقها الظروف التي نمر بها والعالم جراء جائحة «كورونا»، إلا أنها تدل على فكر متقدم ورؤية استشرافية مستقبلية لقيادتنا الرشيدة، والبنية التقنية التحتية التي أوجدتها، مما ساهم في انسيابية الأعمال والأداء في مختلف مرافق ومفاصل العمل الحكومي بصوره وقطاعاته المتعددة، وبالذات الخدمية التي حرصت الدولة على أن تطلق معها حزماً من المبادرات لتعزيز وتسهيل الأعمال والخدمات، وبصورة تخفف أي عبء على المتعاملين.
بلا شك، أن التجربة بعد انقشاع الغمة ستكون محل دراسة معمقة وتقييم شامل، وبالأخص ما يتعلق بتوزيع الموارد البشرية وحسن توظيفها والاستفادة منها، وفي المقام الأول تلاشي «الأسوار» التي كان يضعها دهاقنة الروتين المتكسلون في أقسام الموارد البشرية، والذين يكتظ بهم العديد من الدوائر.
«العمل عن بُعد» جدد ثقة الموظف في نفسه، بعيداً عن الذين كانوا يعتبرون أنفسهم أوصياء عليه، وفي الوقت ذاته كشف طبيعة الوصاية الهشة التي يستندون إليها في ملاحم التعاميم المتلاحقة، وأسلوب «كتابنا وكتابكم»، واستبدلوه بـ«إيميلنا وإيميلكم»، فالعمل يمضي بإيقاع سلس وإنتاجية عالية وبوتائر متسارعة، وكلمة السر «الثقة» التي استعادها الموظف بنفسه وإدراكه لمسؤولياته تجاه وطنه، وليس لإرضاء راصدي بيانات «السيستم»، وسدنة «بصمة الحضور والانصراف»، مع التكاليف والأعباء المالية التي تتحملها المؤسسات والدوائر بوجودهم.
يقول أحدهم: إن «أم العيال» لفتت نظره لتغير طرأ على حياته، إذ لم يعد في مزاج سيئ وحالة عصبية كما كان في السابق لدى عودته من المكتب، رد عليها بلطف مجاملاً بأن السبب وجودها، بينما يرى أن مرد ذلك تحسن حالته النفسية، إذ لم يعد في محيط سلبي، فهو وحيد في بيته مع جهاز الكمبيوتر، لا رئيس قسم يمر بجواره دون أن يلقي تحية الصباح أو يبادره بكلمة تشجيع تحفزه، بعيداً عن تثبيط العزائم الذي احترفه، وتخصص فيه بعض المديرين، ولا وجود لموظفين ينسلون من مكاتبهم، لينشروا الشائعات عن ترقية فلان، وإحالة علان للتقاعد، وإقالة مسؤول آخر، وغيرها من الأخبار السلبية، وأصبح الجميع على وعي بالمسؤولية القانونية المترتبة على تداول مثل هذه الأخبار غير الصحيحة عبر «الواتساب»، ونحن بانتظار انجلاء الجائحة، ليتغير شكل الأداء العام.. قريباً.