بقلم : علي العمودي
البنوك التجارية، وفي مقدمتها الوطنية منها، عليها مسؤولية مجتمعية كبيرة تجاه المجتمع ومن فيه على امتداد الدولة، ولا يختصر أو يقتصر دورها على الانتفاع والاستفادة وتحقيق الأرباح، رغم أن ذلك من الأولويات المشروعة لها.
وقد لعبت الكثير من هذه البنوك أو المصارف دوراً سلبياً للغاية في تغذية وتشجيع ظاهرة القروض المبالغ فيها، والتسهيلات التي جعلت الكثير من المواطنين رهائن لشباكها وعروضها وتسهيلاتها التي تتحول إلى دوامة، بكل ما تحمل الكلمة من معنى، ولا يستطيع الفكاك منها كل من تورط معهم.
ومن هنا كانت المبادرة السامية ضمن مبادرات قائد مسيرة الخير، صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، بإنشاء صندوق لمعالجة القروض المتعثرة للمواطنين الذي مارس نشاطه وواصل أداء المهمة المنوطة به على مراحل، للخروج بالمتورطين نحو صيغة تؤمن لهم استعادة حياتهم بصورة طبيعية، بعد أن غير مسارات حياتهم كابوس القروض والالتزامات والتسهيلات المصرفية غير المدروسة.
وما زلت أتذكر الوصف الدقيق الذي أطلقه سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة، عندما وصف أمام القمة الحكومية، في إحدى دوراتها، القروض بأنها ورطة، وهي كذلك بالفعل، ليس للمقترض فحسب، بل ولأسرته والدولة التي تسعى للاستفادة من المواطن المنتج، لا المقترض المستنزف بالقروض والالتزامات، والتفكير الدائم المستنفد للطاقات في كيفية الخروج من الورطة والمشاريع الفاشلة غير المدروسة.
وقد بادرت مؤسسة الإمارات، مؤخراً، بتوقيع مذكرة تفاهم مع بنك أبوظبي التجاري، بقصد توعية الشباب من مخاطر الاقتراض، وكيفية إدارة الموارد وتنظيمها، بدلاً من اللجوء إلى أسهل الحلول المغرية وهي الاقتراض. مبادرة نتمنى أن تحذو حذوها بقية بنوكنا الوطنية، لأنها تتماشى مع روح المبادرة السامية لصندوق معالجة القروض، لتعزيز المواطنة الإيجابية والمواطن المنتج.
ومن يتابع المدى الذي وصلت إليه بعض تلك البنوك في توريط الشباب بقروض، لا قبل لهم بها، يصدم أمام الحالات والوقائع المؤلمة التي تتحدث عن نفسها في صور مآسٍ اجتماعية وأسرية، كان مفتاحها توقيع غير مسؤول على أوراق مندوب مبيعات مصرف ذي ابتسامة صفراء.
سمعت ذات مرة استغاثة شاب مواطن، عبر برنامج «الرابعة والناس» من إذاعة عجمان، لم يتجاوز الثلاثين من عمره وعليه قرض بـ 22 مليون درهم، وحلقات المسلسل مستمرة!!