عائشة سلطان
غداً يدور حديث كثير ومتشعب حول تجربة الانتخابات في الإمارات، وحاليا يتساءل الشباب وغير الشباب أيضا، عمن عساهم ينتخبون من هذا الجمع الكبير من المرشحين الذين تزدحم صورهم على الطرقات والشوارع الرئيسة وترويسات الصحف؟ يسألونك من ننتخب؟ هل يتوجب علينا أن ننتخب؟ هل هناك أي مؤاخذات أو علامات استفهام إن لم نتوجه لمقار الانتخابات وندلي بأصواتنا؟ قال لي شاب ممن وجد اسمه في قائمة الهيئة الانتخابية: أنا لا أعرف من علي أن أرشح في الانتخابات، تركته يتحدث لأن واحداً من اشتراطات ومقدمات التطور الديمقراطي في أي مجتمع أن ندير حواراً حراً مع بعضنا البعض وننصت لما يقوله الآخر ونحتمل رأيه المخالف لآرائنا وقناعاتنا وألا نحاول بكل ما أوتينا من ضغط وقوه أن نغير رأيه ليتوافق مع آرائنا. قال الشاب إنه بالفعل لا يعرف من عليه أن يختار من كل هؤلاء، وأصدقاؤه يتحدثون عن شخص يريدون انتخابه لأنهم يعرفونه شخصياً ويرونه جديراً بأن يمثلهم، أما هو فلا يعرف، لذلك سألني هل أرشح الشخص نفسه الذي سيرشحه أصدقائي؟ قلت له اقرأ البرامج المعروضة واسأل اكثر الناس معرفة في أسرتك وأصدقائك واستشر ولابد أن تصل لقناعة بأحد.أحببت سؤاله المباشر، يشعرك بأنه راغب في المعرفة وأنه جاد ويريد أن يتخذ قراره عن قناعة، في الحقيقة شعرت بأنه يحترم رأيه وينظر إليه باعتباره أمانة ومسؤولية وهذا ما نحتاجه من كل مواطن يذهب للإدلاء بصوته غداً.إن هذا الحوار داخل الأسر والعائلات والمقاهي وتويتر وفيس بوك حول الانتخابات والمرشحين والبرامج، يعتبر حراكاً سياسياً واجتماعياً حقيقياً أياً كان حجمه وحجم التفاعل المجتمعي معه والمعلومات والحقائق التي ترشح عنه، فكل هذه الوسائل والأماكن تشكل في نهاية الأمر فضاء عاماً تدور فيه نقاشات الناس واختلافاتهم، المهم ألا تتم مصادرة رأي أحد أو السخرية منه أو التشكيك فيه لأي سبب، لا لأنه صغير في السن ولا لأنه يخالفنا الرأي ولا لأنه يناصر مرشحا آخر ولا لأنه غير مهتم.
علينا فقط أن نتحاور وأن نحث الجميع للاشتراك في العملية الانتخابية بأكثر الوسائل سلاسة ومنطقية، فالناس تسأل لأنها تريد المعرفة والحقيقة لا لأنها مخالفة أو سلبية أو معارضة.
نعم هناك ظواهر مضحكة أفرزتها العملية الانتخابية هذه المرة، هناك أشخاص غير مقنعين وهناك من ترشح طلباً للشهرة لا أكثر، ويعلم أنه لن يجمع سوى صوتين ربما أحدهما صوته، المهم أنه ترشح لأن هناك قانوناً ضمن له هذا الحق وعليه أن يستفيد من حقه ذلك، المهم أيضا إننا نتدرب على استخدام الحق كما نتدرب على استخدام اللغة وأي شيء آخر فلا تولد تجربة كاملة منذ اليوم الأول. صوتكم حق وأمانة فاختاروا من ترونه ممثلاً حقيقياً لكم وجديراً بالجلوس تحت قبة برلمان يمثل كل الإمارات!