بقلم - عائشة سلطان
ما من روح تشبه أخرى، وما من عقل يشبه آخر أو يفكر بالطريقة نفسها، نحن كائنات فريدة مقارنة ببعضنا، وأرقام متكررة حين نفرط في ميزاتنا الخاصة، فالحياة، بقدر ما هي قدر مقدور، فهي اختيار علينا أن نتحمل قراره.
إن ما يصنع تميزنا كثير جداً، كوَّنَتك تجاربك، وصنعتني تجاربي، جئت أنت من عالم وأتيت أنا من ثقافة وتربية مغايرة، فالدروب التي مشيتُها أنا لم تمشها أنت، والكتب التي قرأتَها أنت لم تمنحني الظروف فرصة قراءتها، والبلاد التي مكنتك الحياة من زيارتها، لم أزرها، نحن نختلف بقدر ما نعرف ونتبصر، ونقرر بقدر ما نحترم خياراتنا، ونذهب عميقاً في إنسانيتنا بقدر ما نؤمن بحق غيرنا في الحياة والقرار.
أسماؤنا مختلفة وعاداتنا وثيابنا وطرائق معيشتنا، لكننا رغم كل ذلك يمكننا أن نجلس ونتحدث ونلتقي عند نقاط كثيرة، ونؤسس لعلاقات عميقة، وذلك هو الوعي الذي وفرته لنا المعرفة وقادتنا له الحاجة، المعرفة الواسعة بكل الظروف التي نتحرك في فضاءاتها والحاجة الماسة لبعضنا ككائنين لا يمكنهما إلا أن يلتقيا ويعيشا معاً.
إن الذين لا يؤمنون بتعادل الفرص الإنسانية، فيقصون غيرهم، وينظرون إلى قناعاتهم وثقافتهم وتاريخهم بتعالٍ فارغ، ويحكمون عليهم من زوايا ضيقة، هؤلاء يراهنون على مشروع فاشل منتهي الصلاحية في تاريخ الإنسانية، لم يستمر، ولم يؤسس لغير الصراع والفوضى والكراهية بين البشر والحروب الأهلية.
الاختلاف رحمة، حين تتجسد في تقبل المختلف والمغاير وحتى المضاد والنقيض، بشرط ألا تفهم أو أفهم هذا الاختلاف أنه فرصة للتعدي على الآخر أو على ثوابته ومقدساته، لا شيء منفلتاً في هذا الكون كل شيء مخلوق بقدر ولقدر معلوم.