بقلم - عائشة سلطان
يصاب الناس بكل أنواع الابتلاء في مسيرة حياتهم، لكنهم يتعلمون كيف يخرجون من ابتلاءاتهم أكثر تصميماً وتمسكاً بالحياة، هكذا ظلت البشرية تعبر طريقها من الأزل، فهذا على ما يبدو قدر الإنسان، لكي يستمر عليه أن يقدم الدليل على استحقاقه لهذه الحياة وقدرته على الدفاع عنها.
ورغم مصاعب وبؤس الكثير من الأزمنة والأيام التي عاشها الناس فترات الحروب، الفقر، انتشار الأمراض والأوبئة القاتلة وتهديدات الطبيعة على اختلافها، ظل الإنسان هو الإنسان، يصدق نظريات النهايات الكارثية، لكنه يعكف في مختبراته وإبداعه منقباً عن الحلول، يرى الموت يحصد أرواح الناس في طرقات المدن ومع ذلك يتزوج وينجب ويعشق ولا ييأس من لقاء من يحب، رغم انسداد الأفق، كما يحكي لنا غارسيا ماركيز عن ذلك الحب المستحيل بين فلورينتينو وفيرمينا في رائعته «الحب في زمن الكوليرا».
المبدع له علاقة خاصة وشديدة الحساسية بمثل هذه الأوقات الصعبة والبائسة التي نعبرها اليوم، فهو إذاً، يعتزل لكنه يمضي مقترباً من ذاته مكتشفاً دواخله باحثاً عن الحقيقة عبر أسئلة وجودية كبيرة، وفي عزلته يبحث عن إجابات تطمئنه، لكنه إذ يعود من تلك العزلة يعود بأسئلة لا تقل صعوبة عما لديه، مع ذلك فمن المستحيل أن يتحرك دون تلك الأسئلة.
التقيت مبدعين إماراتيين أخيراً، بحثت عن أكثر الأسئلة الوجودية التي أرّقتهم في عزلة كورونا وما زالت تؤرقهم، فكان السؤال الذي أطلقه المخرج محمد حسن: «ما الذي يحدث للبشرية بالضبط؟»، أما الشاعرة نجوم الغانم فإن السؤال الذي يملؤها هو: «هل أستطيع احتمال كل هذا الذي يحدث في زمن كورونا؟»، لتكمل الروائية ريم الكمالي حلقة الأسئلة: «ثم ماذا، ما الذي يمكن أن نتنبأ به بعد كورونا؟».
وإذ نبحث عن أسئلتنا التي تبدو لنا خاصة جداً، نفاجأ بأنها ليست سوى أسئلة الإنسانية في كل مسارها العظيم الذي قطعته.