بقلم - عائشة سلطان
كيف يمكن لشخص أو جماعة أن تخون ثقة شعبها يا ترى؟ وهل بالضرورة أن يكون تعريف وتصنيف هذا النوع من الخيانة متفقاً عليه عند الجميع، هل تتفق المجتمعات الإنسانية على النظر بمقياس ثابت لهذه الخيانة، كأن يكون السلوك الذي يعتبره اليابانيون خيانة للشعب مثلاً يمكن أن ينظر له بالصرامة نفسها في أقطارنا العربية؟ ما الذي يدفع لهذه الفروقات في الأحكام القيمية بين أمة وأخرى إذا ما اتفقنا مسبقاً على أن السلوك شائن أخلاقياً، ومرفوض بحكم الضرر، الذي ينتج عنه، وعدم اتفاقه مع السوية الإنسانية؟
هل يبدو السؤال مهماً، أو خطيراً بدرجة ما؟ أو لنقل هل هو سؤال حساس ربما أكثر من كونه مهماً وخطيراً؟ في الظاهر والعام والمتداول فإنك إذا اعتديت على المصالح، والأموال العامة فأنت قد خنت الأمانة، لكن هناك من يفعلون ذلك يومياً في عالمنا العربي من دون أن يعاقبوا بجريمة خيانة الأمانة، ربما لأن مناصبهم وعلاقاتهم ومواقعهم في سلم الوظيفة العامة في دولهم تحميهم، وأحياناً لأن القانون خفف الأمر، فأطلق على هذه الجريمة صفة استغلال المنصب في بعض البلدان!
في مجتمع كاليابان مثلاً اضطر وزير الصحة بالأمس، لتقديم اعتذار شديد للشعب، لأن أعضاء في وزارته قد «خانوا ثقة الشعب»! كيف؟ يقول البيان الذي صدر من مكتب الوزير: إن 23 مسؤولاً في الوزارة قد انتهكوا اللوائح الخاصة بمكافحة فيروس «كورونا»، بالمشاركة في عشاء في طوكيو، استمر لما بعد الأوقات المسموح بها!
لقد تحول هذا العشاء إلى فضيحة، تحاول الوزارة احتواء تداعياتها، بعدما تسببت في جدل واسع، الخيانة هنا واضحة، فهؤلاء مسؤولون في المؤسسة الأولى المسؤولة عن حياة وصحة الشعب، وهم من يفترض بهم إصدار وتنفيذ ومتابعة التعليمات لا اختراقها علناً.
يا ترى كم عدد المسؤولين، الذين يصدرون تعليمات ثم يكونون أول من يتجاوزها؟ المجتمعات لا تتطور من فراغ!