بقلم - عائشة سلطان
هل هناك سعادة حقيقية يحظى بها إنسان اليوم؟ قد نجد الإجابة عند أولئك الروائيين الذين قاربوا بين السعادة وتحولات الزمن، فقالوا: لا وجود للسعادة الحقيقية في أيامنا التي نعيشها، فطالما كنا منشغلين أو محتاجين لشيء ما، أو مهمومين بالحياة وشؤونها، فإننا لن نعرف طريق السعادة!
السعادة إذن في أبسط معانيها، هي أن لا تقلق ولا تعاني إلا تبعات اللحظة التي تعيشها، فلا وجود في ذهنك للماضي أو للمستقبل، لا وجود لغير الآن، وهذا معناه باختصار أن تكون طفلاً، حيث لا يميز الطفل بين حالات الزمن وتشكلاته، كل ما يعرفه هو الآن فقط!
لذلك توقفت طويلاً، عند هذه العبارة التي جاءت على لسان الروائي وعالم اللسانيات الإيطالي امبرتو إيكو حين سئل عن السعادة والطفولة، فقال: «أعرف أن هذه فكرة رجعية إلى أقصى حد، ولكني أظن أن الحياة تصلح فقط لكي نتذكر طفولتنا الشخصية، فكلما تمكنت من أن أتذكر بوضوح لحظة من لحظات الطفولة تغمرني السعادة، رغم أن طفولتي لم تكن بالضرورة سعيدة، لكنها كانت خالية من القلق».
من هنا، يعتقد كثيرون أن حياة اليوم حياة قلقة، لا يجدون فيها تلك السعادة التي أصبحت حديث الجميع، ومبتغاهم، أنت اليوم في حاجة دائمة لشيء آخر، فإذا حصلت عليه بحثت عن آخر وهكذا، بينما السعادة الحقيقية هي أن تذهب إلى الصيد لا أن تقتل الطائر.
لقد نالت التقنيات السريعة من سعادة الإنسان، فهذه السرعة تتسبب في فقدان الذاكرة خاصة بالنسبة للأجيال الشابة، لذلك فهم لا يحنون للماضي كما يفعل الكبار، لقد مسحت السرعة الفائقة للتقنيات هذه الصلة بالماضي أو التفكير فيه، وهذا ليس مكسباً بأي شكل وبأي تفسير، إنها خسارة فادحة، فالذاكرة هي هويتنا وهي روحنا، إذا حدث وفقدت ذاكرتك، فإنك ستصبح وحشاً.