بقلم - عائشة سلطان
لدينا مشكلة ذهنية وثقافية وتربوية مع مسألة الحرية الشخصية، أو الفردانية، وتحديداً في مجتمعات ومدن الحداثة والقانون، حيث يتصرف الفرد في حياته كما يحلو له من دون حاجة لوصاية أو تعليمات من آخرين، ولكن تحت مظلة القانون، لكن أين تكمن الإشكالية بالضبط؟
الإشكالية في ذلك الإرباك، الذي ينتج بالنسبة لأشخاص تربوا أو عودتهم بيئات تربيتهم الأولى (الأسرة والمدرسة) على أن إذا رأوا أحداً يتصرف خارج الإطار المتبع والمتعارف عليه، فمن حقهم أن ينكروا سلوكه، وأن ينتقدوه ويهاجموه، بحجة تصحيح الخطأ، وعدم التساهل معه، من دون الانتباه إلى وجود قانون يضبط الجميع، واختلافات ومساحة حرية على الجميع احترامها.
نحن نعيش في مجتمعات حداثية، منفتحة، تتعايش فيها عشرات الثقافات، التي تجعل من الطبيعي أن نقابل آلاف الأشخاص، الذين يتصرفون بطريقة لا تتفق مع أطرنا، وعليه فكيف يمكن حل هذا التصادم المربك فعلاً؟ من دون اللجوء إلى صدامات من أي نوع وأي مستوى؟ الجواب يكمن في القانون، فنحن في دولة قانون، ما تعارض مع القانون خطأ، وما اتفق معه صحيح، وفيما عدا ذلك فالمجتمع فضاء واسع ومتسع، يحتمل كل الاختلافات، حيث إن الجميع فيه يتحملون مسؤوليتهم أمام القانون!
لسنا ضد النقد والتقويم، والحرص على الصواب، لكن عن أي صواب نتحدث؟ عن أي صح وأي خطأ؟ ما المرجعيات وآليات التنفيذ؟ إن الأفراد العاديين ليسوا مرجعيات، ولا ضبطيات قضائية، وليس من حق شخص أن يترصد الآخرين في الأماكن العامة، وينتقد تصرفاتهم، ويندفع للصدام معهم فقط، لأن سلوكياتهم أثارته أو استفزته أو أغضبته بناء على تقييمه الشخصي لتصرفاتهم!
وهنا يمكننا كما في كل مجتمعات القانون أن نجعل القوانين الثابتة، والمرعية هي الفيصل في الحكم والتقييم، وندع للناس حريتهم في ما ليس فيه أذى ظاهر أو تعارض مع المصلحة والآداب والثقافة العامة!