بقلم - عائشة سلطان
تنسب للشاعر والروائي الأمريكي تشارلز بوكوفسكي عبارة يقول فيها «لن تحصُل على حرّيتك إلا حين تستقِلّ مادياً، وما عَدا ذلِك كلها فلسفة وأفكار خياليَّة!»، وقد بدت لي العبارة مثالية جداً، وملائمة لشخص مثل بوكوفسكي، الكاتب والشاعر الذي عاش حياة أقرب للبؤس والقسوة وعدم الاستقرار، بسبب ظروف اقتصادية طاحنة!
مضمون العبارة يدور حول فكرة الاستقلال المادي الذي لو تحقق لأي إنسان سيشعره حتماً بالحرية الحقيقية، لأنه سيكون في منأى عن ضغوط الاحتياج، وتقلبات الزمن، وهو ما يجعل الإنسان قوياً فعلاً!
في ظني أن الاستقلال المادي الذي يمكن أن يتحقق بوجود مصدر مالي مستقل نديره ونعتمد عليه لضمان عدم الحاجة للآخرين، أمر في غاية الأهمية، وإن كان من المعلوم أنه لا يتحقق بسهولة ولأي شخص، مع ذلك يمكن لكثير من الآباء والأزواج المقتدرين توفيره لمن يعولون. ما لفتني في النقاش أكثر هو إصرار البعض على حصر الاستقلال المادي بالمرأة، والنظر إليه بشيء من القلق والتخوف، وكأنه إهانة أو تهديد لهم، باعتبار أن كل امرأة متزوجة مستقلة مادياً وحرة حقيقة دون حاجة للاستقلال فعلاً، وهو استنتاج بدا لي غير منطقي تماماً، ذلك أن الاستقلال المادي حق إنساني للمرأة والرجل معاً، وهو علامة قوة وحرية بالفعل.
إن الرجل والمرأة اللذين يمتلكان أمنهما واستقلالهما المادي، هما شخصان قويان متحرران من تحكم أي شخص فيهما: في قراراتهما، قوتهما اليومي، حرية حركتهما، الإفصاح عن آرائهما، تخطيط مستقبلهما ومستقبل أبنائهما بثقة، والتعامل مع الآخرين بإنسانية لا بمنطق هذه تحت رعايتي، وهذا أنا مدين له!
إن شاعراً مثل بوكوفسكي، عاش العوز والحاجة والشعور بالضعف نتيجة ذلك، كما عاش ملايين غيره هذا الوضع، يسعون بجدية تامة لهذا الاستقلال، لا يرون في استقلال النساء أي نقص لهم أو تهديد من أي نوع.