بقلم - عائشة سلطان
في الغرب، يعد قطاع النشر صناعة قائمة بحد ذاتها، وعالم الكتب إمبراطورية، أما القراء فينظر لهم باعتبارهم أصحاب ذائقة لها تقديرها، وحقوق معترف بها، إن في عدد المكتبات التي يجب توافرها في كل حي، وإن في عدد الكتب قياساً بعدد السكان.. هؤلاء القراء يؤثرون في نوعية ما ينتج من كتب، وبمشترياتهم يساهمون في الدخل القومي لبلدانهم، هؤلاء لا يقرؤون بعشوائية ولا يشترون كتباً مرة واحدة في العام، إن القراءة بالنسبة لهؤلاء عادة وسلوك ثابت.
فماذا عن النشر في العالم العربي إذاً؟ يقول محمد رشاد، رئيس اتحاد الناشرين العرب، في ندوة حوارية حول «واقع وتحديات صناعة النشر في العالم العربي» عقدت افتراضياً منذ يومين، مجيباً عن هذا السؤال: «لا ينظر لقطاع النشر في بلداننا العربية أنه صناعة، كما لا ينظر له بالاحترام المطلوب، ولا يحظى بالدعم المادي والقانوني المفترض من قبل الحكومات»، واستثنى رشاد من بلداننا العربية دولة الإمارات العربية المتحدة.
وهنا، فإننا نضم صوتنا لصوت الأستاذ رشاد، متمنين أن يحظى قطاع النشر بما يستحق، فليس من مصلحة بلداننا أن توجه كل جهودها لمصلحة التنمية الاقتصادية وقطاع العمران فقط، عليهم أن يلتقطوا أنفاسهم قليلاً ويضعوا حداً لتنامي العمران على حساب سياسات تبدو أكثر أهمية وإلحاحاً في الوقت الحاضر، وتحديداً سياسات التنمية الثقافية والعناية بقطاع النشر والكتب والقراءة.
على صناعة الكتاب، التي علينا أن نوليها الأهمية اللازمة، أن ترتكز على قاعدة مالية ضخمة، وأن تستند إلى أصول ثابتة لا تعترف بقانون «الجمهور يريد ذلك»، بقدر ما تعترف بضرورة الارتقاء بهذا الجمهور وتقديم المعرفة الخلاقة له، إنها الصناعة التي ستضعنا في مصاف الأمم المتقدمة إنسانياً وصناعياً بمنطق الإتقان والجودة والتطوير وتفعيل قانون احترام الملكية الفكرية، لا منطق التزوير والقرصنة والعشوائية.