بقلم - عائشة سلطان
يصح أن توصف مدينة سان بطرسبورغ بأنها متحف ضخم تحت سماء مفتوحة على المدن والحضارات والشعوب، مدينة مترامية الأطراف، عاش فيها أباطرة وقياصرة وملوك اعتبروا في زمانهم من أغنى الناس على وجه الأرض، نظراً لتمدد إمبراطوريتهم وسيطرتهم على ثروات شعوب وبلدان بلا حصر، وهو ما يفسّر اليوم هذه الكنوز والمقتنيات الفخمة التي لا يمكن تخيّل مدى فخامتها وندرتها.
إن هذه الكنوز والمقتنيات النادرة تعود لملوك وملكات وأمراء عائلة رومانوف، وهي كنوز تغطي كل مجالات الحياة؛ القصور، الحدائق، الثياب، المجوهرات الثمينة، أدوات الطعام المصنوعة من الذهب والفضة، اللوحات الفنية التي تعود لأهم وأشهر فناني أوروبا، الأثاث المذهب، والكثير مما لا يعد ولا يحصى.
عندما أسسها الإمبراطور بطرس العظيم صاحب الإنجازات الكبيرة، أرادها أن تكون عاصمة للأباطرة، ومنفذاً على بحر البلطيق، وعنواناً ملائماً لثراء وعظمة آل رومانوف، إنها اليوم تتكئ على ذاك الماضي وتقتات من أسرار ذلك العهد، تلك الأسرار التي يأتي السياح من كل العالم بحثاً عنها واطلاعاً على عظمة ما تركه بُناتها.
لقد كان الإمبراطور ألكسندر مثلاً، صاحب إنجازات لا تزال تُذكر في تاريخ روسيا، فقد بنى المدن والمصانع والجسور وشق القنوات وأرسل البعثات الدراسية وفعل بقية الأباطرة مثله، وها أنت تطوف بأرجاء المدينة فلا يذكر منجز ضخم وذو أثر إلا من آثار أولئك الملوك الذين ألغي عهدهم وقضي على آخرهم بأبشع طريقة.
جسور المدينة الـ300 بعض من أسرارها، والجسر المصري أحدها، إنه جسر معلق على نهر «فونتانكا»، بني أوائل القرن الـ19 كأحد المعالم التاريخية لمصر فترة الهوس الكبير بكل ما يتعلق بالتاريخ والحضارة المصرية، وبالتحديد في عامي 1825-1826م، وقد ظل صامداً حتى كان ذلك اليوم من شهر يناير لعام 1905، حيث انهار الجسر عندما كان يسير عليه طابور من سلاح الفرسان، فترك على حاله ثم جدد عام 1955 بعد أن أضيف إليه تمثال لأبي الهول وتفاصيل مصرية أخرى.