بقلم : عائشة سلطان
يقول معد التقرير الذي يعرض حالتها المثيرة للشفقة، إن عارضة الأزياء الروسية فاليريا ليفتن، كانت في طفولتها فتاة جميلة مليئة بالصحة والشباب مع ميل بسيط للامتلاء عرضها لسخرية زملاء الدراسة، وحتى حين وصلت إلى عمر المراهقة لم تسلم من السخريات والمقالب، ثم أصابها هوس الجمال والرشاقة والأضواء والشهرة، ما دفعها لاتباع حميات غذائية قاسية وبلا توقف، أصبحت مشهورة ونالت ما كانت تتمنى، لكنها لم تتوقف عن الحميات الغذائية حتى فقدت معظم وزنها، ثم أصيبت بمرض فقدان الشهية، وتحولت إلى ما يشبه الشبح أو الهيكل العظمي!
هوس الرشاقة والجمال يعتبر واحداً من أكثر الظواهر انتشاراً بين المراهقات والمراهقين، إنه الهوس الذي يغذي ظاهرة أدوية النحافة ومستلزمات التخسيس الرياضية وغير الرياضية، كما أنه العامل الرئيس وراء انتشار عمليات وعيادات التجميل في كل العالم، على الرغم من تحذيرات كثيرة، بل وحوادث أكثر دفع كثيرون حياتهم ثمناً للتورط فيها، لكن مبدأ (اقتلني واجعلني جميلاً) يجد دائماً من يتبناه ويدافع عنه بشراسة، وطبعاً يستفيد منه!
الجمال ليس عيباً، والبحث عنه والسعي إليه ليس خطيئة، بل إن الله جميل يحب الجمال، لذلك خلقنا في أحسن وأجمل تقويم، كما ملأ الكون جمالاً ودعانا لتمجيده، لكن الخطأ حين تبحث عن هذا الجمال لتكون شبيها بمقاييس الآخرين، لتشبه النجوم والممثلين، لتشبه ما لا يشبهك حتى وإن لم يناسبك هذا الشكل الذي سعيت له! فلماذا علينا أن نكون كنجمات ونجوم السينما وعارضات الأزياء؟ دون أن نفكر في الطريقة التي يعيش بها هؤلاء وبالطريقة التي ينتهون بها بعد سنوات قليلة من الشهرة والأموال والسير والسقوط على منصات العروض العالمية!
نحن أناس عاديون جداً، لن نظهر يوماً في أفلام هوليوود ولن نقف أمام أضواء الكاميرات، لن تظهر صورنا على أغلفة المجلات ولن نمشي على السجادة الحمراء في كان ونيويورك والبندقية وميلانو، ولن نكون هوساً للجماهير يوماً، وتلك نعمة كبرى، علينا أن نحافظ عليها وعلى صحتنا وتوازننا النفسي بالرياضة والغذاء المتوازن والحياة الجيدة!
هؤلاء الذين نسميهم نجوم الفن والموضة يعتاش معظمهم بتغيير أشكالهم وبعمليات التجميل، لا يعيشون حياة طبيعية كما نعيش، إنهم تحت الضغط ومطالب الأضواء دائماً، لذلك يقعون فريسة الاكتئاب والإدمان والأمراض والعلاقات غير المستقرة، لماذا علينا أن نسعى لهذا الخراب النفسي، بينما نحن نتمتع حقيقة بما لا يمكنهم الحصول عليه: الحياة العادية والبسيطة!