بقلم : عائشة سلطان
ترافقت القمة العربية الإسلامية الأميركية التي انعقدت في الرياض بحضور الرئيس الأميركي دونالد ترامب مع فيض من التعليقات والرسوم الكاريكاتيرية والمقالات، من بعض مدعي العروبة، والتي تناسوا فيها الأهمية الاستراتيجية للقمم الثلاث، وما تمخضت عنه من نتائج جوهرية، وركزوا اهتمامهم على زوجة الرئيس الأميركي ميلانيا وابنته إيفانكا وقيمة صفقات الأسلحة!
والغريب أن معظم ما كتبه الأخوة العرب، الذين اعتبروا أنفسهم يقدمون رؤى وتحليلات ووجهات نظر للحدث الكبير حقاً، تناسى تماماً أهمية اختيار ترامب للمملكة السعودية كأول محطة يزورها خارج أميركا منذ توليه الرئاسة، وهو حدث واختيار لم يكن عشوائياً ولا عادياً، ولم يمر مرور الكرام بالنسبة للعالم كله، بعيداً عن رأي هذا العالم في الرئيس ترامب ومواقفه وتصريحاته!
من قرأ تلك التحليلات والتعليقات سيجد أنها تحفل بالكثير من الغوغائية والشخصانية، في الوقت الذي تخلو فيه من الموضوعية والعلمية السياسية، التي يفترض بمن يتصدى للكتابة في السياسة أن يتمتع بقدر كبير منها، وبالبعد عن خلط الحدث السياسي بالأهواء والسخريات الرخيصة!
فاضت التعليقات العربية بالسخرية من صفقات الأسلحة، وكأن هذه الأموال ستدفع في الحال أو أن هذه الأسلحة ستصل من المصانع بعد يوم غد، متناسين أن هناك خططاً وجداول زمنية لمثل هذا النوع من الصفقات الضخمة يستغرق تنفيذها سنوات.
والأهم من ذلك كله أن أصحاب تلك الآراء والتعليقات تناسوا السبب الرئيسي الذي يدفع دول الخليج العربية لتعزيز قوتها العسكرية، لمواجهة المشروع التوسعي الإيراني المخيف والحقيقي، والذي لا تضخمه الاستخبارات الأميركية ولا يضخمه الخوف من إيران، فإيران لديها أجندة توسع معلنة على لسان كبار ملاليها ومرجعياتها الدينية ورؤسائها وكبار المسؤولين فيها، وهي تنشر الخراب في المنطقة العربية بأدوات أصبحت حقيقية وثابتة على الأرض (الحرس الثوري، الحشد الشعبي في العراق، حزب الله اللبناني، فيلق القدس، الحوثيون في اليمن..).
فما المطلوب من دول الخليج؟ أن تنتظر دورها لتتحول إلى عراق أخرى ويمن أخرى مثلاً ليهنأ بعض العرب ويطمئنوا؟ ليس هناك جيش عربي ولا قوات تدخل عربية، وهي لم تكم موجودة ذات يوم، والذين يدافعون عن المشروع الإيراني من الأخوة العرب، فإنهم يفعلون ذلك لتقاطع المصالح بينهم، متناسين أن من حق دول الخليج أن تبحث عن كل ما يحمي أمنها وأمن مواطنيها!