بقلم : عائشة سلطان
عندما ذهبت الكاتبة الشهيرة أليف شفاق، لمقابلة روائية تركية معروفة وذات تاريخ كبير ومؤثر في الحياة الأدبية والثقافية التركية، في الحقيقة لم تمنعها سنواتها الإحدى والثمانون ولا مكانتها الكبيرة كأشهر صوت روائي في جيلها، من الاتصال ببساطة متناهية وطلب مقابلة روائية شابة كانت شهرتها قد تجاوزت تركيا وأصبحت واحدة من أشهر روائيي العالم، أليف شفاق صاحبة الأعمال الأكثر شهرة ومبيعاً بين روائيي تركيا!
الجميل في اللقاء بين الروائيتين ونحن نقرأ التفاصيل كما ترويها (شفاق)، أن هذه الأخيرة جاءت بكل فضول الكاتب وتواضع الإنسان لتعرف ولتسمع ولتلبي الدعوة أساساً، فليس من المعتاد أن تتقدم كاتبة بطلب كهذا (أود أن ألتقيك، لم لا نحتسي الشاي سوياً في منزلي؟) هكذا كانت الدعوة، بأقل العبارات تكلفاً وأكثرها مباشرة!
أطلقت الروائية الكبيرة بعد دقائق من اللقاء حكماً يبدو قاسياً، لكنها وفي مثل عمرها لا بد أن تكون قد استخلصته من تجربة عميقة وحقيقية، قالت لتزيح حالة التوتر أو التحفظ بينها وبين (شفاق) في أول اللقاء (لقد التقينا أخيراً! الكاتبات لا يظهرن عادة إعجابهن ببعضهن، لسن جيدات أبداً في القيام بذلك، إلا أنني أردت مقابلتك أنت شخصياً)، اعترفت شفاق أن كلام الروائية جعلها مرتابة بعض الشيء!
لماذا لا تبدو الكاتبات جيدات في القول لبعضهن (أنت تكتبين بشكل عميق، أو كتابتك فاتنة، أو أنت كاتبة مثيرة للإعجاب، أو أتابعك بشكل دائم لأنني أجد في صوتك تعبيراً عما يجول في داخلي من أفكار.. أو...) عبارات كثيرة رائقة وحقيقية ومفعمة بالصدق ومؤثرة في النفس، لما لا تقال لنا، ولماذا لا نطلقها من سجنها طالما أنها موجودة ونحن مؤمنون بها، هل نعلم جميعاً أن تأجيل الاعتراف يمكن أن يجعلنا نندم كثيراً حين يتوقف الزمن؟
ما أسرعنا في الانتقاد، في إظهار العداء، في البحث بين الفواصل والنقاط عن أخطاء صغيرة، والتشبث بحقنا في أن نعلق صاحبها أو صاحبتها على مشنقة الهجوم، لماذا؟ هل يعود ذلك فعلاً لأنه يعمل في حرفتنا وينافسنا وأن أبناء الحرفة الواحدة لا يتبادلون اعترافات الإعجاب ببعضهم؟ هل ذلك مقتصر على النساء فقط كما قالت الروائية، وأن النساء أكثر الناس غيرة من بعضهن؟ هل الأمر خاص بأهل الإعلام والأدب والفن؟ أم أنه أمر شائع بين كل أبناء المهنة الواحدة؟