بقلم : عائشة سلطان
إن الخير والشر، وكل ثنائيات الحياة المتناقضة، ستبقى هكذا تتصارع في الإنسان وعلى الإنسان، حتى ما لا نهاية، طالما الإنسان يطور أسلحة قتله وأدوات قمعه، وطالما يعمل بجدية منقطعة الغباء، لإعلاء الأنانية، ورفع صوت الوحش في داخله، تحت شعارات خالية من المضمون، ومثيرة للخوف أحياناً، والتشكك كثيراً، كحقوق الإنسان، والانفتاح، والفوضى الخلاقة، والثورات الإنسانية، والسوق الحرة، والشركات العابرة للقارات، الدفاع عن الدين، وسائر الهذيان المتبجح باسم الدين، والدين بعيد تماماً عن مهرجانات القتل التي تقام باسمه.
لقد ارتكب باسم الدين، وعبر الزمن، ما لا يتصوره عقل، ليس الدين الإسلامي فقط، فالغباء والتوحش حين يستحكم بممثلي الأديان، أو من يدعون بأنهم مفوضي الله على الأرض، يصبحون جميعهم قتلة، متوضئين بمقولات الدين، ومجاهرين البشرية بالسكاكين والرصاص، ولنتذكر تحت أي شعارات تمت تصفية آلاف المسلمين زمن الفتنة الكبرى، وزمن حروب الحجاج، وزمن الحركات الفاشية، كالحشاشين والقرامطة؟.
ولنتتبع سفن المستكشفين الممتلئين بالأطماع والأحلام، وهم يحثون سفنهم باتجاه العالم الجديد، ولنتذكر تلك الأعلام وما كان يرسم عليها، وسكان قارتي أميركا الشمالية والجنوبية، الذين أبيدوا تحت تلك الرايات زمن الاستعمارات والكشوفات الكبرى؟، ولنسأل تحت أي أعلام انطلقت الحملات الصليبية، تخوض في دماء المسلمين؟، وكيف أصبحت حروب الاسترداد والتطهير في إسبانيا مقبولة ومبررة، لأنها تمترست بالدين؟، لذلك فلا غرابة أن يتواصل الانحطاط نفسه اليوم، تحت الرايات السود التي تحمل شعار الدين الإسلامي (لا اله إلا الله)، ليقتل داعش ويستحل الدماء التي حرمت إلا بالحق، إلى درجة أن يقتل مصلين في دار عبادة، لسبب تافه، أنهم من أصحاب طريقة صوفية ما.
هذا هو الإنسان الذي يدعي الدين والتحضر، هذا هو الإنسان حين ينحط إلى ما دون بشريته، فيتجاوز حتى الحيوان في أعماقه، يستثيره بشهوة الدم، فيخرجه وحشاً غير قابل للترويض، فما الحل لهذا البلاء، سوى أن نحض من معنا، أبناءنا وشبابنا، ننقي مناهجنا، نعلي الإنسان وقيم الخير في داخلنا، ونبقى على حرب صريحة مع هذا الوحش، حتى زواله، وإلا أزالنا جميعاً.