ناصر الظاهري
أستميحكم عذراً لتوضيح لماذا كان مطلبنا بالأمس، بالإضافة لوزارة للطفل، وجود نشرة أخبار خاصة بالأطفال؟ لأنهم «القاعدة» و«الحاضنة» للأمور والأشياء، سواء كانت صحية وحضارية، ومحفزة للعمل والإبداع والتفكير، أو كانت تكفيرية، ومتطرفة دينياً أو طائفية، ومريضة اجتماعياً، فالأطفال يظهرون على ما تلقوه، وسمعوه، وما أمروا به خاصة لحين بلوغ الحلم، وتطور العقل، وهي السن التي يستغلها اليوم دعاة التكفير، والقتل، وما يسمى بالعودة لدين السلف، ودين السلف والخلف بريء منهم، ومن أفعالهم الشيطانية، والمتعممة بلبوس الدين، والتدين، والأسلمة.
إن وجود نشرة أخبار في محطاتنا المحلية التي تئن من كثرة المسلسلات التركية، ومن برامجها التي تضحك علينا، وتسلب خيرنا، وتلعن صيرنا، ونحن ما زلنا نفغر أفواهنا لظهور «الصبية اللي حكيها غير شكل»، والتي تتنطط من مكان لمكان بذلك «الجينز» غير المريح، وغيره من الإنتاج المبتذل، نقول: من بين تلك الأشياء المعدومة، نخصص نصف ساعة للأطفال لبث نشرة أخبار خاصة بهم يومياً، في أوقاتهم المناسبة، وملونة، وصورها أكثر، وكلامها أقل، ويقدمها وجه مليح، وصوت مريح، قد تكون عوناً للمدرسة الغائبة عن تفسير أمور اليوم والحياة المستجدة، وعن الأهل الغالب عليهم الجهل والخوف واللامبالاة في توضيح ما يطرأ على يومياتنا من أحداث، فكثير من الأمور مرت على حياتنا، بقينا نحن الكبار نعرفها بجهالة، والتبست على الأطفال حتى شبّوا على مفاهيم مغالطة، وأفكار تبث البغض والكراهية، وعدم التسامح، فلو شرحنا لأطفال الثمانينيات ما معنى «القاعدة»، وما معنى حرب الأفغان؟ لما ظهرت عندنا التوابيت العائدة بلا كفن، ولما أريق دم شبابنا في تلك الجبال البعيدة، ولما حضروا «الأفغان العرب» يريدون حرباً مجتمعية، بعد انتهاء حروب الجبال غير المجدية، ويريدون البراءة من مجتمعاتهم الكافرة، من وجهة نظر رجال عاشوا وحدة الجبال، بما فيها من شر، وحشيش، ورائحة القتل، لو نشرح لأطفالنا اليوم في نشرة أخبارهم الملونة، ماذا تعني «داعش»، ونفسر لهم أفعالها، لا أفعال الدين الإسلامي، ونبسط لهم الأمور لكي يفهموها، ولا نترك مساحة في عقلهم ليملأها من حضر، وبما حضر، لو نفعل ذلك لن يزيد عدد المجندين الصغار الذين يُهربّون من الحدود لبقع التوتر والفساد ولعنة حرب لا يعرفونها، وهناك أمور كثيرة يمكن أن نوجزها في نشرة أخبارهم الموجزة، منها: ما هي عقوبة التعاطي والاتجار بالمخدرات؟ من هم وجوه الشر في المجتمع؟ ما قيمة المحافظة على البيئة، وعدم رمي زجاجات الماء البلاستيكية في كل مكان؟ صور عن جزر الإمارات الخلاّبة، متحف اللوفر، لما هو هنا.. الآن؟ أهمية إكسبو 2020؟ سبل الإسعافات الأولية، لإنقاذ روح يفصل بينها وبين الموت دقائق، هذا وفي النشرة أنباء أخرى، كثيرة، ومتفرقة، والله من وراء القصد أولاً.. وآخر!