بقلم : ناصر الظاهري
أعتقد بنلحق على وطر نحن جيل الستينيات لا نستطيع فيه الاتصال والتواصل مع الأجهزة الجديدة التي تقضي بها كل أشغالك، وأنت تشرب فنجان قهوتك، فاقترح على الجيل المخضرم أن يدّور كل واحد منهم على «بشكار» يفهم في مثل هذه القصص، «بشكار» عصري مختلف، ومن جنسيات تعرف تتعامل مع التقانة الحديثة، وليس مثل «بشاكيرنا» الذين تعودنا عليهم، وتعودوا علينا، هو «دريول وهو بشكار ويشتغل في المزرعة، وقبل القيض يحَدّر ويخلب النخل، ويصبر على الفتنة والمهازب»!
- الترجمة الفورية التي تقدمها أجهزتنا الذكية حلّت لي شخصياً مشكلة، وهي صعوبة معرفة أسماء وأنواع الخضراوات والفواكه باللغات الأجنبية، الآن بإمكانك أن تسلط شاشة هاتفك على أي نوع من المعروضات في «جبرات» المدن المختلفة، ويعطيك اسمه، يعني لن تحك رأسك إذا طرشتك الحرمة تشتري باذنجان أو ملفوف أحمر أو تشهَتّ على وحام فاكهة «القطلب أو اللنج أو ساسنو»، فشكراً للهواتف الذكية مني شخصياً الذي ما أزال لا أفرّق بشكل صحيح بين الكزبرة والبقدونس، وخلفي جحافل كثيرة من الناس مثلي، يدخلون أسواق الخضرة والفواكه تسبقهم لغة الإشارة!
- لما توصل بالمواطنين الأمور إلى نهايتها، ولا يقدرون على فعل شيء حيالها، يكون جوابهم الحاضر دائماً: «خييبة»! وإذا ظهر لهم واحد من الهوام أو شخص قُهم من الأقوام، ولا لهم حيلة في مضاربته، فلن تسمع منهم إلا «خييبة.. تخييبه»!
- العجائز في العين إن كثّرت على إحداهن، وقلت لها: «خليني أوديك المستشفى هذاك»، بتعوذ من إبليس أولاً، وبعدين «بترّوَحك مثل الخِيّل، وفجأة بتنقلب عليك من الغالي وضناي إلى مِسوّد الوَيّه، تريد لي النفاد»!
- نقول في أمثالنا: «الحاية بنت حرام»، و«الحاية تتوحك على أمرار الشِيَرّ»، تذكرت ذلك حينما لمحت موظفاً كان في يوم من الأيام مقصداً للكثير، لكنه كان «منّاعاً للخير، معتد أثيم»، كان يحول بين الخير والعباد، وكأنه يقتطع من لحمه، ولم ينفع إلا نفسه، ولا قال كلمة ونِعْم في أحد، رأيته وحيداً، ذاوياً، وقد ذهب ماء الوجه، لا أصدقاء يؤنسونه، ولا غطرسة ذاك الزمان، ولا منتفعين يفرشون له البساط، كان أشبه بالوعل المسن في بطن واد، وأشفقت كيف أن الإنسان خُلق جهولاً، لا يتعلم من الأيام، ولا من تصاريف الزمان!