سحابة ممطرة اسمها الفرح

سحابة ممطرة اسمها الفرح

سحابة ممطرة اسمها الفرح

 صوت الإمارات -

سحابة ممطرة اسمها الفرح

ناصر الظاهري
بقلم - ناصر الظاهري

هناك حديث للمثقف والفيلسوف الفرنسي الشهير «جان بول سارتر» عن المثقف الحقيقي، وما تصنع الثقافة الواعية في الحياة، يقول: لو أن كناساً أنهى عمله اليومي، وعاد راجعاً إلى بيته، حاملاً مشترياته لعائلته، وأثناء مروره بالنهج المؤدي لدرب بيته، وجد على الرصيف كومة نفايات، ومرميات، فأنزل مشترياته جانباً، وشمر عن ساعديه، وتناول عدة عمله من جديد، وأزال كل ما يعيق المارة، وجعل الشارع نظيفاً، وقد كان بإمكان هذا الكناس أن لا يلتفت لتلك الأوساخ، ويمشي إلى بيته مباشرة، ولن يسأله أحد أو يلومه إنسان، غير أنه تصرف بتلك الروح الساكنة في داخله، والمعتادة على العطاء والبذل. لحظتها تحول ذلك الكناس إلى مثقف يفيد بعمله المجتمع، ويرتقي بإنسانيته، وقيمها النبيلة. ذاك هو المثقف الحقيقي في رأي فيلسوف الوجودية «سارتر»، وفي الحضارة الإسلامية إماطة الأذى عن الطريق صدقة، وعند الشعوب المتقدمة من يخدمون مجتمعاتهم بالفعل لا بالصوت هم المثقفون، أما غيرهم فهم المثرثرون. وزيرة الصحة في هولندا تخدم مع عمال النظافة ساعتين في اليوم، وتشاركهم في أعمال التنظيف، ولا تترفع عنهم، ولا تستقبح عملهم. وفي اليابان أجور عمال النظافة هي من أكبر الأجور في سوق العمل، وكثير من مدن العالم المتحضرة تجد في ساحاتها العامة أو حدائقها تمثالاً لعامل النظافة أو رجل الإطفاء أو غيرهما من الأيدي العاملة والمكافحة. ولعل لقصة حلاق الرسام العالمي «بيكاسو» معنى آخر لفعل الثقافة، وما يصنع المثقف.
 عام 1944 في باريس، حيث استقر الرسام الإسباني «بيكاسو»، التقى في الحي بمواطنه «اوجينيو آرياس»، وكان لديه محل للحلاقة، أعجب «بيكاسو» بحركة يد ذلك الحلاق، ورقصة المقص، وكأنه فنان مثله يداعب اللون والريشة، فاستسلم له، وترك له رأسه بحرية، مستمتعاً بثرثرته المتسارعة بالإسبانية، وحين انتهى من قص شعره، رفض أن يأخذ منه «فرنكاً»، فخجل «بيكاسو»، وأخرج من مزودة الرسم لوحة وأعطاه إياها. أخذها الحلاق، ويومها لم يكن «بيكاسو» مشهوراً، ظلت تلك الصداقة تكبر بينهما، وكلما انتهى الحلاق من قص شعر «بيكاسو»، وحاول «بيكاسو» أن يدخل يده في جيبه، يمنعه الحلاق بتعفف، ويقول له: أنت الآن صديقي، فيقوم «بيكاسو» بإهدائه لوحة جديدة حتى كوّن ثروة حقيقية من أعمال ذلك الرسام الذي لن يتكرر، بلغت 60 لوحة، وحين توفي «بيكاسو» تسارع إلى صديقه الحلاق المقتنون، وإدارات المتاحف عارضين عليه مئات الملايين لشراء تلك الثروة الفنية التي لم يدفع ثمنها غير ضربات مقص، وثرثرات، وكثير من الحب والود، غير أن الحلاق رفض كل تلك الإغراءات والأموال، وذهب بتلك اللوحات الفنية إلى قريته الوادعة شمال مدريد «بويتراكو ديل لوزويا». اليوم هذه القرية يؤمها مئات الآلاف من السياح سنوياً، وصمم لها متحفاً أسماه متحف حلاق بيكاسو عام 1985، يعد اليوم قبلة للزوار وعشاق الفن، والبحث عن المدهش، وحين توفي ذلك الحلاق عام 2008 ودعته قريته وإسبانيا كلها وداع المواطنين المخلصين، والأبطال الوطنيين، ذلك لأنه في لحظة تخلى عن الذي هو للخاص من أجل العام، ذلك الشيء الذي يشبه سحابة ممطرة اسمها فرح الدار والناس.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سحابة ممطرة اسمها الفرح سحابة ممطرة اسمها الفرح



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة - صوت الإمارات
تلهم النجمة المصرية تارا عماد متابعاتها العاشقات للموضة بإطلالاتها اليومية الأنيقة التي تعكس ذوقها الراقي في عالم الأزياء، بأسلوب هادئ ومميز، وتحرص تارا على مشاركة متابعيها إطلالاتها اليومية، وأيضا أزياء السهرات التي تعتمدها للتألق في فعاليات الفن والموضة، والتي تناسب طويلات القامة، وهذه لمحات من أناقة النجمة المصرية بأزياء راقية من أشهر الماركات العالمية، والتي تلهمك لإطلالاتك الصباحية والمسائية. تارا عماد بإطلالة حريرية رقيقة كانت النجمة المصرية تارا عماد حاضرة يوم أمس في عرض مجموعة ربيع وصيف 2025 للعبايات لعلامة برونيلو كوتشينيلي، والتي قدمتها الدار في صحراء دبي، وتألقت تارا في تلك الأجواء الصحراوية الساحرة بإطلالة متناغمة برقتها، ولونها النيود المحاكي للكثبان الرملية، وتميز الفستان بتصميم طويل من القماش الحرير...المزيد

GMT 19:18 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة
 صوت الإمارات - فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة

GMT 19:21 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد
 صوت الإمارات - أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد

GMT 05:35 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الذكاء الاصطناعي يساهم في انبعاثات ضارة تؤثر سلباً على البيئة
 صوت الإمارات - الذكاء الاصطناعي يساهم في انبعاثات ضارة تؤثر سلباً على البيئة

GMT 08:38 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

يبدأ الشهر مع تلقيك خبراً جيداً يفرحك كثيراً

GMT 05:21 2015 الأربعاء ,11 شباط / فبراير

افتتاح معرض "ألوان السعودية" المتنقل في جدة

GMT 07:14 2015 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

الرميحي يزور جناح دولة قطر في معرض "اكسبو 2015"

GMT 20:48 2013 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

برنامج جديد فى إذاعة الشرق الأوسط عن التعديلات الدستورية

GMT 13:26 2015 الخميس ,22 تشرين الأول / أكتوبر

مقهى ثقافي ومسابقة تصوير في معرض كتاب شرطة دبي

GMT 11:40 2015 الخميس ,29 تشرين الأول / أكتوبر

"أبوظبي للسياحة" تنظم معرض "ميادين الفنون"

GMT 07:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

جبل بوزداغ من أروع المناطق السياحية للتزلج

GMT 05:28 2016 السبت ,27 شباط / فبراير

HTC تنشر أول صورة تشويقية لهاتفها المرتقب One M10

GMT 11:02 2013 الجمعة ,28 حزيران / يونيو

بحث تطوير مشروع جامعة عمان مع كامبريدج

GMT 03:34 2015 الإثنين ,21 كانون الأول / ديسمبر

معرض جدة الدولي للكتاب يستقطب أكثر من 600 ألف زائر

GMT 08:27 2015 الأحد ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ميثاء الخياط تعرّف الأطفال بطرق قص مبتكرة في "الشارقة"

GMT 01:52 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

كلوب يكشف السبب الرئيسي لسقوط ليفربول أمام ساوثهامبتون

GMT 12:49 2020 الخميس ,01 تشرين الأول / أكتوبر

ميسي يوضِّح تعرّضه للأذى في برشلونة سبب خروجه عن صمته
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates