تذكرة وحقيبة سفر 2

تذكرة.. وحقيبة سفر -2-

تذكرة.. وحقيبة سفر -2-

 صوت الإمارات -

تذكرة وحقيبة سفر 2

ناصر الظاهري
بقلم - ناصر الظاهري

تلك الأشياء العزيزة على الشعوب، والتي غدت أيقونات ترمز للمدن والبلدان تتعرض للهدم ووابل الرصاص ومدفعية الدبابات في الحروب الأهلية إن لم تهرب إلى أمكنة أكثر أمناً أو إلى البلدان المجاورة، وقد تتعرض للتخريب من بعض المتشددين الدينيين، مثلما حدث لتمثال «عين الفوّارة» في مدينة سطيف الجزائرية، وهو يمثل امرأة متجردة، أو مثلما خربوا تمثال «أبو جعفر المنصور» مؤسس بغداد أو تمثال «أبو نواس» أو «المتنبي» في بغداد أو نصب الشهداء في بيروت الذي صممه النحات الإيطالي «مارينو مازاكوراتي» عام 1960م، وفي الحرب الأهلية كان من ضمن خطوط التماس، وحتى الآن ما زالت آثار الرصاص بادية عليه، ليظل يذكّر الناس بويلات الصراع الطائفي والحرب المدنية، أو قد تتعرض تلك الأشياء التي لا تقدر بثمن، ولها المكانة التاريخية للتهريب في زمن القلاقل، والانفلات الأمني، مثلما حدث لكثير من الآثار الفرعونية أو تمثال «فينوس».
بعض هذه الأشياء الغالية، والعزيزة على البلدان تخبأ تحت الأقبية السرية حتى لا يقدر العدو أن يصل إليها، ولا يعرف مكانها إلا المؤتمنون عليها والذين يقسمون بالدم أن يقدموا أرواحهم قبل أن تصل يد العدو إليها، مثل تمثال «السيدة الذهبية» في لوكسمبورغ الذي بقي في الأقبية منذ عام 1940 حتى عام 1984م، وقد حظيت برؤية تمثال «السيدة الذهبية» التي تحمل إكليلاً من الغار تقدمه لشهداء لوكسمبورغ في الحرب العالمية الأولى، والذي صممه النحات اللوكسمبورغي «كلاوس سيتو» عام 1923م، لأول مرة في مكانه الأصلي قبل عشرين عاماً، ورأيته مرة أخرى في مدينة «شنغهاي» الصينية بعد أن عبر البحور في مدخل جناح لوكسمبورغ في معرض إكسبو شنغهاي، والذي بقي ستة أشهر، ثم عاد لمكانه في حديقة الدستور، مستقراً على المسلة الغرانيتية التي تبلغ علواً 20 متراً.
إن خروج الكنوز الوطنية من مكانها أمر لا يقبل المجازفة، ويجب أن يحاط بالسرية، ودرجة عالية من الأمن، وأن يغلف بإحكام، ويصان بالأمان، ويؤمن عليه بغالي الأثمان، فخروج تمثال «السيدة الذهبية» من مكانه إلى الصين، احتاج الأمر فيه إلى رأي البرلمان، واستفتاءات شعبية، وضمانات عالية، وجدل بين مؤيد ومعارض.
هناك أعمال فنية، وخاصة اللوحات الشهيرة والنادرة التي تم سرقتها، ولم يعثر عليها حتى الآن، ربما أشهرها لوحة الرسام الهولندي «يوهانس فيرمر»، «الحفل» والتي تقدر قيمتها بمائتي مليون دولار، وقد سرقت قبل ثلاثين عاماً، ولم يتم العثور عليها، ولوحة الرسام «فان كوخ»، «أزهار الخشخاش» التي سرقت للمرة الثانية قبل عشر سنوات من القاهرة، ولم يتم العثور عليها، مثلما حدث لها في السرقة الأولى عام 1977، واسترجعت من الكويت بعد عشر سنوات من الضياع، وهناك لوحة نادرة ما زال إطارها الخشبي المذهب معلقاً بدونها في المتحف في مدينة «بوسطن» بعد أن سرق اللصوص 13 لوحة بينها لوحة «رامبرانت»، «عاصفة على بحر الجليل» منذ أربعين سنة.
الأشياء العزيزة لا تحب الشعوب التي اعتادت أن تراها كل يوم في محلها، يستدل بها وعليها الناس والزائرون، وتضفي على الأماكن سحرها، وتعطي للمدن طابعها، أن تصحو يوماً ولا تجدها في أماكنها، لأنها أصبحت جزءاً منها!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تذكرة وحقيبة سفر 2 تذكرة وحقيبة سفر 2



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 06:02 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

أسرار أبرز التيجان الملكية التي ارتدتها كيت ميدلتون
 صوت الإمارات - أسرار أبرز التيجان الملكية التي ارتدتها كيت ميدلتون

GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 14:45 2017 الأحد ,16 إبريل / نيسان

"الشيكولاتة المكيسكية" أبرز وصفات لويز باركر

GMT 09:19 2016 الأحد ,21 شباط / فبراير

اليابان تبتكر "موبايل" قابل للغسل

GMT 16:02 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

يوسف السركال" القطريون دبروا ما حدث في بانكوك"

GMT 08:27 2015 الأربعاء ,09 كانون الأول / ديسمبر

نهيان بن مبارك يفتتح معرض "السوربون أبو ظبي"

GMT 17:09 2019 الثلاثاء ,22 كانون الثاني / يناير

تسريبات تكشّف تفاصيل عن مواصفات "سامسونغ غالاكسي S10"

GMT 14:25 2015 الأحد ,25 كانون الثاني / يناير

الشارقة الدولي للكتاب يشارك في معرض القاهرة

GMT 21:15 2015 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

توم فورد يقدم عطرًا مستوحى من ازدواجية إمرأة

GMT 07:09 2017 الجمعة ,01 كانون الأول / ديسمبر

كتابيه لـ عمرو موسى الأكثر مبيعًا في مهرجان الكويت

GMT 08:23 2013 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

مراسلو الإذاعة في ميادين مصر لرصد الاحتفالات الشعبية

GMT 14:28 2017 الجمعة ,27 تشرين الأول / أكتوبر

الوجبات الخفيفة تعزز طاقة الجسم وتحميه من الجوع
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates