في وداع من لا تود وداعه

في وداع من لا تود وداعه

في وداع من لا تود وداعه

 صوت الإمارات -

في وداع من لا تود وداعه

ناصر الظاهري
بقلم - ناصر الظاهري

قبل حوالي ثلاثة أشهر اتصل بي مواسياً ومودعاً، وقال: أنا غداً ذاهب إلى ألمانيا للعلاج، فصدمني بتلك النبرة التي لم أعهدها منه‏، فمثله لم يكن يشكو غير من العافية، وفرح الحديث، فقلت له: إن شاء الله خير يا أبو محمد، فمثلك قادر أن يتعدى كثيراً من الصعاب، وقد مرت عليك أشياء أكبر منها، فودعته ودعوت له، ولم أكن أدري أنها ستكون آخر محادثة لي مع زميل وصديق وإنسان من الناس الخيّرين، عملنا سوية قرابة العامين في جريدة الاتحاد، وكنا جارين متقابلين فيها، إما أنا أبدأه بالسلام كل يوم: «صباح الخير أبو محمد»، فيرد عليّ بتلك النبرة التي ما زالت ترنّ في أذني، رغم بعدنا عنها قرابة خمسة وعشرين عاماً: «أهلاً.. أهلاً بو بدر»، وإما أن يمر عليّ المكتب بطيبته وتواضعه، وكان وقتها رئيس التحرير، نتبادل حديثاً صباحياً يخص آخر الأخبار وأهم الأحداث، مع فنجان قهوة أو شاي، وربما «صلبين سيجاره» يسحبهما «أبو محمد» خلال الجلسة، ومناقشة ما يمكن أن نخطط لعدد الغد، وما تميزت به الصحف المنافسة عنا نهار ذاك اليوم.
«عبيد طويرش» شخص طيّب لآخر المدى، اتفق الجميع على محبته، ومن لا يعرفه يتوجس الحديث معه، لكنه إن استطيبك، ووجد بعضاً من نقاط التقاطع التي تجمعك به، فستحظى بذلك الود والصداقة، والضحكات، وما يمكن أن يمنحك إياه من ثقافته، واطلاعه المختلف، فهو خريج بغداد، وأنا معظم أساتذتي في الجامعة عراقيون، وبغداد والعراق ما تزخر به يومها كان جزءاً من شرف العرب، وفضائل العروبة، كانت هي -وكذلك دمشق- تفرح إن تخرج من جامعاتها عرب، حتى إنها كانت تصرف على تعليمهم وتثقيفهم، وتمنحهم شيئاً من إرث المكان، وعبق التاريخ، وما كان يتزاحم فيهما من أحداث وتغيرات وإرهاصات سياسية وفكرية، كنت و«أبو محمد» من عشاق تلك الأمكنة، ولا نضمر في دواخلنا غير الحب لها.
أحزنني ذاك الخبر الذي أتى من ألمانيا قبل أمس معلناً نعي ذلك الزميل والصديق، والإنسان الطيب لآخر المدى، وكنت لا أتوقع أن أسمعه، فلم يكن الداء، ذاك العضال، و«أبو محمد» عهدي به كان أقوى من أمور كبيرة، لكنه القدر، وما دامت النفس خضراء، فهي لا تهيف، حزني عليك أيها الصديق عميق وغزير، وحزني على الأيام الجميلة التي أمضيناها سوية كبير، فأبوظبي ما زالت تذكرك، والشارقة ما زالت تذكرك، وأم القيوين تذكرك.. وتذكرك، فمثلك لا ينسى، وأعمالك لا تنسى، وما قدمته من خدمات وطنية في كافة المجالات والأماكن لا تنسى، لروحك السكينة والطمأنينة، ولثرى قبرك الماء البارد، وما يتلى من القرآن الكريم.. وداعاً أيها الصديق الطيب.. وداعاً لإنسان عرفته يوماً، بتلك الروح الوطنية الجميلة.. وداعاً لم أكن أتوقعه أتى مفاجئاً لزميل عزيز، كان اسمه يأتي فوق اسمي في الاتحاد «عبيد طويرش».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

في وداع من لا تود وداعه في وداع من لا تود وداعه



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 06:02 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

أسرار أبرز التيجان الملكية التي ارتدتها كيت ميدلتون
 صوت الإمارات - أسرار أبرز التيجان الملكية التي ارتدتها كيت ميدلتون

GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 14:45 2017 الأحد ,16 إبريل / نيسان

"الشيكولاتة المكيسكية" أبرز وصفات لويز باركر

GMT 09:19 2016 الأحد ,21 شباط / فبراير

اليابان تبتكر "موبايل" قابل للغسل

GMT 16:02 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

يوسف السركال" القطريون دبروا ما حدث في بانكوك"

GMT 08:27 2015 الأربعاء ,09 كانون الأول / ديسمبر

نهيان بن مبارك يفتتح معرض "السوربون أبو ظبي"

GMT 17:09 2019 الثلاثاء ,22 كانون الثاني / يناير

تسريبات تكشّف تفاصيل عن مواصفات "سامسونغ غالاكسي S10"

GMT 14:25 2015 الأحد ,25 كانون الثاني / يناير

الشارقة الدولي للكتاب يشارك في معرض القاهرة

GMT 21:15 2015 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

توم فورد يقدم عطرًا مستوحى من ازدواجية إمرأة

GMT 07:09 2017 الجمعة ,01 كانون الأول / ديسمبر

كتابيه لـ عمرو موسى الأكثر مبيعًا في مهرجان الكويت

GMT 08:23 2013 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

مراسلو الإذاعة في ميادين مصر لرصد الاحتفالات الشعبية

GMT 14:28 2017 الجمعة ,27 تشرين الأول / أكتوبر

الوجبات الخفيفة تعزز طاقة الجسم وتحميه من الجوع
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates