رائحة الزمن الأول 1

رائحة الزمن الأول -1-

رائحة الزمن الأول -1-

 صوت الإمارات -

رائحة الزمن الأول 1

ناصر الظاهري
بقلم - ناصر الظاهري

يتتالى رحيل الأولين من الأهل والأحباب وجيران الأمس من مسك وطيب وعود ولُبان وبخور، تراكتوا في الأعوام القليلة المنصرمة، وكل يوم نودع فيه واحداً من زمن الرجال، نفقد شيئاً جميلاً، وقيمة مثالية من حياتنا، لن تتكرر، وحين نودع واحدة من ذلك الوطر الجميل، نشعر أن ذاكرتنا عطبت، وأن خللاً حرك موطئ القدمين، وتمايلت الدنيا بِنَا، وغاب ثباتها، وأن برقعاً من الحِشمة غاب من وقتنا، آخر المودعات من جيران الأمس الجميل، ورائحة الزباد والمحلب والزعفران، السيدة الفاضلة عفراء زوجة الشيخ مجرن أو القاضي مجرن، كما كان يسميه أهالي العين، واحد من مطاوعة الأمس المتوازن، كان بيته لا يبعد عن بيتنا سوى دقيقة من ركض صبي يحمل على كتفه بعض الكيلوغرامات الزائدة، وأحياناً حين تحمّر عليه عين الأب أو يشعر بخوف التأخير، كان يأخذ المسافة بين البيتين قاضماً طرف كندورته البُنيّة «الكَلَفس» في نَفَس واحد، كطائر «بو بشير».
كنت في صباي أرى الشيخ مجرن بشكل يومي ومتكرر، سواء في بيته الذي أعرفه، وكبرت فيه مع أبنائه، وكثيراً ما أكلنا غداءنا من طبخ السيدة الجليلة عفراء التي كانت تدير ذلك المنزل الذي على حافة الطريق في منطقة الحميراء، وبجانبه بيت الوقور «أحمد بن عجلان المهيري»، وكثيراً ما كانت تصرّ لنا من أشياء مفرحة تتذخر بها، وتعرف أنها تفرح الصغار، غير مفرّقة بين أبنائها وأصدقائهم، كانت وكأنها الآن تتراءى لي في خطواتها الدائرة في محل ذلك البيت أو عند مدخله، مودعة أو مستقبلة، وكنت أرى الشيخ مجرن حين يذهب في طريقه إلى نخله، حيث يمر بجانب بيتنا المؤدي إلى تلك الطرق الصغيرة المتعرجة لواحة نخيل العين، لم ألحق على الشيخ مجرن، وهو يقرّئ ويُدرس، فعهدي به عندما كان يقضي بين الناس، ويعقد مواثيقهم، ويبارك زواجهم، وحين يضطر للوصول إلى أبغض الحلال، كان جزءاً من المكان، لذا كنا نراه هنا أو هناك، فهو مرجع للمدينة وأحداثها وأناسها.
وفي جانب قصيّ من بيته، عملنا مع أولاده نادياً صغيراً، سميناه: «نادي النصر»، كانت فيه ألعاب مسلية في ذاك الوقت «كيرم ودومنه»، وكرة قدم، و«فانيلات» وأحذية نشتريها بفلوسنا القليلة، ونتكفل بترقيمها بذلك الخط شبه الجميل الذي يليق بطلاب الصفوف الابتدائية، وكان هناك عدة رفع أثقال، نصنعها بما وجدنا من إسمنت «وكلن صبغ أو آيل»، وطاولة خضراء لكرة التنس، كان يومنا كله فيه، وخاصة في العطل الصيفية، كنا نشاهد الشيخ مجرن يستظل تحت شجرة، أو ظلة جدار بيته، يقرأ في كتب أكبر من كتب المدرسة، لا نعرفها، وحين يحين وقت الصلاة، كان ينهرنا، ويحضنا على الوضوء، وإدراك صلاة الجماعة في مسجد أخيه «سلطان الكندي» في حارة «الربينه»، لكنه كثيراً ما كان يجدنا بعد عودته، تسبقه التهليلات والتسابيح، على حالنا ولعبنا، ساعتها يتهدد ويتوعد وخاصة لأبنائه الكبار، ثم يرجع إلى قراءاته، وكتاباته من جديد بتلك النظارة المميزة التي تزين وجهه الطيب البارد. وغداً نكمل..

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رائحة الزمن الأول 1 رائحة الزمن الأول 1



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة - صوت الإمارات
تلهم النجمة المصرية تارا عماد متابعاتها العاشقات للموضة بإطلالاتها اليومية الأنيقة التي تعكس ذوقها الراقي في عالم الأزياء، بأسلوب هادئ ومميز، وتحرص تارا على مشاركة متابعيها إطلالاتها اليومية، وأيضا أزياء السهرات التي تعتمدها للتألق في فعاليات الفن والموضة، والتي تناسب طويلات القامة، وهذه لمحات من أناقة النجمة المصرية بأزياء راقية من أشهر الماركات العالمية، والتي تلهمك لإطلالاتك الصباحية والمسائية. تارا عماد بإطلالة حريرية رقيقة كانت النجمة المصرية تارا عماد حاضرة يوم أمس في عرض مجموعة ربيع وصيف 2025 للعبايات لعلامة برونيلو كوتشينيلي، والتي قدمتها الدار في صحراء دبي، وتألقت تارا في تلك الأجواء الصحراوية الساحرة بإطلالة متناغمة برقتها، ولونها النيود المحاكي للكثبان الرملية، وتميز الفستان بتصميم طويل من القماش الحرير...المزيد

GMT 19:18 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة
 صوت الإمارات - فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 02:59 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

بوريل يعترف بعجز الاتحاد الأوروبي عن بناء بنية أمنية جديدة
 صوت الإمارات - بوريل يعترف بعجز الاتحاد الأوروبي عن بناء بنية أمنية جديدة

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 19:57 2019 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

تتحدى من يشكك فيك وتذهب بعيداً في إنجازاتك

GMT 21:09 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

"داميان هيندز" يطالب بتعليم الأطفال المهارات الرقمية

GMT 11:11 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

حسن يوسف سعيد بالاشتراك في مسلسل "بالحب هنعدي"

GMT 03:01 2018 السبت ,06 كانون الثاني / يناير

حسين فهمي ووفاء عامر يستكملان "السر" لمدة أسبوع

GMT 16:07 2013 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

مطعم النينجا المكان الوحيد الذي تخدمك فيه النينجا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates