بقلم - ناصر الظاهري
- من تسمع كل النادلات المضيئات في ذلك المطعم الفاخر، يهنئنك بقولهن: «هابي نيو يير سير»، فتجفل، وأنت الكاشخ مثل الثعلب بتلك الابتسامة الطبية المصطنعة، والتي كلفتك ما يزيد على السبعة آلاف درهم، وبتلك البدلة التي تبدو في غير وقتها، وخارج موضتها، ولا حتى تناسب عمرك المنزلق نحو خريف السنين، أعرف أن المسألة واصلة حد التقاعد من العمل الشبابي، والمراهقة المتأخرة، يعني في «الباي باي»، ومع السلامة يا «أونكل»، خلاص انقضى وقتك، لا فائدة في صبغ، ولا في تشبب، ولا تمارين يومية في «الجم»، على رأيك، حين تريد أن تزهو على ربعك وأترابك، على أساس أنك أنشط منهم، وأنك مواظب على الرياضة والتمارين السويدية، تغتم حينها، وتقول في نفسك: «معقول يعني كلمتان بسيطتان تهزمانك آخر العام»: «سير، وأونكل» جاءتا من نادلات مضيئات ليلة رأس السنة، وضيعتا تلك الكشخة!
- بعد مرور عام من اللثام، وربط الحزام، ووضع الكمام، أرى أنها الفرصة المناسبة، والسانحة الحقيقية لعودة فتياتنا إلى لبس البرقع الجميل، زينة الأمس العطر، والتجمل به، يعني لو بس يلبسنه، وهن ظاهرات، مب لازم دوم، أعتقد أنهن سيشكلن ثنائياً جميلاً مع الرجل المواطن الذي حافظ على الكندورة العربية أم طربوشة، والغترة والعقال أو العمامة، ما أدري شفتها فكرة زينة، قلت اقترحها أو تعتقدون أنني وجيلي نَحْنّ وحدنا لوطرنا القديم.
- بعض الأشخاص تجده دوماً تائهاً، لا تعرف إلى أين يوجه نظره؟ يحاول أن يوهمك أنه ينظر إلى الأفق البعيد، وأنه مشغول بالتأمل العميق، وأنت لا ترى ما يرى، تقول في خاطرك: خَلّه، يمكن أن يكون شيء تحت رأسه، لكنه بعد ذلك المشهد المسرحي الصامت، ينطق كفراً، لا فكرة واضحة، ولا رأياً حكيماً، ولا كلمة طيبة، ولا سبراً للأفق، الأخ ذاهب في الضياع، مثل هذا الشخص أراه دوماً يشبه ممثلة غير جميلة، وفاشلة، وبلا مستقبل واضح، كل رأسمالها مسلسل هزيل في شهر رمضان، وتُقْتَل في الحلقة الخامسة.
- ما في مثل «السناب، والانستجرام» يستفزنا، نحن القابعون في أماكننا منذ سنة، مثل حجر الوادي، كل أسبوع يطلع لنا صوراً من الحنين والـ «نوستالجيا»، وأين كنّا في السنين الماضية، ويتم ينتقل بنا من سويسرا إلى ألمانيا، ومن فرنسا إلى روسيا، هنا.. كنت في مطعم مطل على البحر، وهناك كنت في شارع الأناقة متبضعاً، صورة على متن سفينة سياحية، بذلك القميص الكتاني الفضفاض، صورة بالمعطف الرملي تحت المطر، وأنت تشبه جاسوساً إنجليزياً، صورة على الثلج، وفرحتك الصحراوية واضحة للعيان، لأن في العينين دهشة من الصعب أن تزول، صور هناك.. ومناسبات وذكريات، وأنت هنا.. تتسقى الحسرات، وتنفث الزفرات