ضفة القلب الكوري الشمالي

ضفة القلب الكوري الشمالي

ضفة القلب الكوري الشمالي

 صوت الإمارات -

ضفة القلب الكوري الشمالي

ناصر الظاهري
بقلم - ناصر الظاهري

أحياناً تكون المقارنة ظالمة حين تكون الضفتان اللتان تزورهما متقابلتين، وتابعتين لبلدين مختلفين، فيبين الفرق من بعيد، وتغدو المفاضلة جليّة، خاصة في البلدان التي تتقاسم النهر أو البحر أو الجبل، ويكون لكل بلد نظام سياسي واقتصادي مختلف عن الآخر أو على نقيضه، فيظهر ذلك في الملمح المعماري، والحياة الاجتماعية، وفي رقي الخدمات، وفي تلك البهجة الغائبة عن المكان، هذا الأمر لا تجده في أوروبا التي فيها الحدود تكاد تكون متماهية، لا أسوار مسيجة، ولا دوريات حدودية، ولا مراكز تفتيش، هو خط أبيض فاصل في الشارع، وأحياناً لتداخل الحدود تجد مقهى نصفه يقدم المشروبات الهولندية، وآخر يقدم المشروبات البلجيكية أو مطعماً نصفه يقدم المأكولات السويسرية، والآخر يقدم المأكولات الإيطالية، بل الأمر يذهب حد الغرائبية، بحيث تجد مواطناً ساكناً في سويسرا، ويدفع فاتورة الكهرباء والماء عن منزله لفرنسا مثلاً.
لقد حظيت بزيارات لمدن منشطرة أو بلدان تتقاسم سلسلة جبال أو قرى مطلة على ضفتي نهر، واحدة فرحة ونشطة ومزهرة، والأخرى كئيبة، وذاهبة للشيخوخة مبكراً، زرت مرات الجولان السورية، ومرة زرت الجولان الآخر المطل على الجانب الإسرائيلي، وبحيرة «طبريا» الجميلة، ودهشت للفرق، وعجبت من الخراب في الجانب العربي، والعمران في الجانب الإسرائيلي، وعجزت عن المقارنة، لأنه لا وجه للمقارنة مطلقاً، وحين يقود فضولك تريد أن تعرف السبب، يظهر لك «ثورجي» متبجح، ويقول مزهواً بانتصارات منكسرة: نحن تعمدنا أن نبقي على الخراب لكي يتذكر الشعب، وقصدنا أن نترك آثار الرصاص والتدمير ليعرف الجيل الجديد من طلائع المناضلين مدى فداحة العدوان، لذا تلجمك حقيقة رؤية العين، فلا تجد هنا زرعاً أخضر أو ضرعاً مُدرّاً، ليس هنا إلا نباح كلاب ضالة، وذلك الغبار الذي يغطي المكان، لكن حين تطل على الجانب الآخر، وترى المزارع، وبساتين الفاكهة والمشاريع السياحية، ومحاولة خلق مدينة من الفراغ، تدرك معنى العقلية، ومعنى أن تبني مكاناً حضارياً وسياحياً سيقصده الجميع، وهو الذي سيتذكرونه دائماً، وسيحملون ذكرى منه لبلدانهم، لا ذلك الجولان الخرب الذي يشبه رسوم أطلال عفا عليها الدهر، وربما نسيها التاريخ، مثلما أهملها ونسيها أبناؤها في فترة الضياع بين المفاهيم «الثورجية»، وبين الاستحقاقات «الوطنجية».
وزرت قرى على نهر «الدانوب» في الثمانينيات تابعة للنمسا، وأخرى تخص المجر في مرحلتها الشيوعية، وحدها القرى النمساوية كانت حيّة، وكانت متعافية، ويحب الناس فيها أن يلقوا تحية الصباح، ويضحكوا للورود، في حين كان الجانب الجار المجري غادياً في اللامبالاة، وعدم الاكتراث، وثَمّ ضجر يلف المكان والناس، فارضاً لوناً رمادياً على ذلك النهر الهادي الأزرق.
ولا داعي للمقارنة بين الكوريتين الجنوبية بكل ذلك الضياء الذي ينير الحياة العصرية، وتلك الجسور الموصلة بحرية، وشهقة الفرحة في قلوب الناس، وبين كتلة الرماد والإسمنت وأسوار من الخرسانة والحديد، والجسور الملغمة، وغصة الموت الواقفة في حناجر الناس، وذلك الضيق والسجن والخوف الذي يسكنهم ويسكنونه، لا ورود تنبت في كوريا الشمالية، دائماً ما تغتالها الشعارات الجوفاء، ويسمم تربتها ذلك الحقد والضغينة والعدوانية التي تسكن ضفة القلب الكوري الشمالي.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ضفة القلب الكوري الشمالي ضفة القلب الكوري الشمالي



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة - صوت الإمارات
تلهم النجمة المصرية تارا عماد متابعاتها العاشقات للموضة بإطلالاتها اليومية الأنيقة التي تعكس ذوقها الراقي في عالم الأزياء، بأسلوب هادئ ومميز، وتحرص تارا على مشاركة متابعيها إطلالاتها اليومية، وأيضا أزياء السهرات التي تعتمدها للتألق في فعاليات الفن والموضة، والتي تناسب طويلات القامة، وهذه لمحات من أناقة النجمة المصرية بأزياء راقية من أشهر الماركات العالمية، والتي تلهمك لإطلالاتك الصباحية والمسائية. تارا عماد بإطلالة حريرية رقيقة كانت النجمة المصرية تارا عماد حاضرة يوم أمس في عرض مجموعة ربيع وصيف 2025 للعبايات لعلامة برونيلو كوتشينيلي، والتي قدمتها الدار في صحراء دبي، وتألقت تارا في تلك الأجواء الصحراوية الساحرة بإطلالة متناغمة برقتها، ولونها النيود المحاكي للكثبان الرملية، وتميز الفستان بتصميم طويل من القماش الحرير...المزيد

GMT 19:18 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة
 صوت الإمارات - فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 02:59 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

بوريل يعترف بعجز الاتحاد الأوروبي عن بناء بنية أمنية جديدة
 صوت الإمارات - بوريل يعترف بعجز الاتحاد الأوروبي عن بناء بنية أمنية جديدة

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 19:57 2019 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

تتحدى من يشكك فيك وتذهب بعيداً في إنجازاتك

GMT 21:09 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

"داميان هيندز" يطالب بتعليم الأطفال المهارات الرقمية

GMT 11:11 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

حسن يوسف سعيد بالاشتراك في مسلسل "بالحب هنعدي"

GMT 03:01 2018 السبت ,06 كانون الثاني / يناير

حسين فهمي ووفاء عامر يستكملان "السر" لمدة أسبوع

GMT 16:07 2013 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

مطعم النينجا المكان الوحيد الذي تخدمك فيه النينجا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates