بيروت وصباح الرماد

بيروت.. وصباح الرماد

بيروت.. وصباح الرماد

 صوت الإمارات -

بيروت وصباح الرماد

ناصر الظاهري
بقلم - ناصر الظاهري

لِمَ يريدون أن يلونوا حياة اللبنانيين، وفرح لبنان بلون الرماد؟ لِمَ بيروت موعودة منذ أربعين سنة، ويزيد، بالخراب والاحتراب؟ لِمَ على بيروت أن ترسل نعوش أبنائها إلى مقابرها المجهولة دون وداع من الأحباب؟ وإلى متى ستبقى تلك الهياكل السياسية والمتزعمة بالفساد، وبجثث الشهداء، واغتيال الوطن بالكلمات المسمومة والمخادعة بمعسول اللعاب؟ إلى متى ستبقى بيروت تنفض غبارها، وهم يهيلون عليها رمادها؟!
بيروت، نسبة لاسم الآلهة الفينيقية «بيروثا» التي كان يقع معبدها في المكان الذي بنيت عليه المدينة على الساحل الفينيقي، بالأمس فجرها الفساد، وقبله تآكلت من الكساد، وقبله تسلط عليها نفر من العباد، تعاهدوا على أن لا يبقوا على خير، غير الرماد في البلاد.
عاد الموت المغلف إلى بيروت، وعادت سلسلة التفجيرات القاتلة لتزداد حدثاً جديداً، وشهداء جدداً، في لبنان تظل ملفات الجرائم مفتوحة، والقاتلون طلقاء، لتأتي حسابات جديدة، ومعطيات جديدة، فإما أن يغلق الملف ويصفى القاتل، وإما يحفظ ويوزر القاتل، وإما العبث برماد الطائفية، وإن استعصت المسألة، وتشابكت الخيوط فالعدو الإسرائيلي جاهز لرمي التهمة عليه - ولا نبرئه مطلقاً- لكن ليس كل اغتيال في لبنان كان بـ «عوزي» إسرائيلي أو بوعز إسرائيلي، فأحياناً لإبليس أعوان من أبناء وزعماء وإخوان، وما أكثرهم في لبنان!
يظل لبنان يبني حدائقه سنيناً، والناس تسقي زهور دورها كل يوم، والضحكة الطيبة تفتح الأبواب المواربة، وتدخل دون استئذان، والبسمة تقود الخطى على الدوام، والغرباء والأصدقاء والغرماء والندماء يتلامسون بالأكتاف على أرصفة مدينة بيروت، والاعتذار يكون سيد الموقف، فتحت سماء هذه المدينة سحابة مثل فسيفساء فينيقية تظل وتظلل الجميع، لأن الوطن قد يكون محبة، وفجأة، في يوم أو ليل أو قبل الفجر، تستيقظ المدينة على فجيعة، خيوطها نسجت في الظلام، وعلى أيدي أناس يعشقون الظلام، وروائح الإجرام، فجأة يأتي من يكون، ويشعل الأرض تحت أقدام الناس المتآلفين، ويكون الظلام، ويكون الاحتطاب فيه كخبط الناقة العشواء!
قبل يومين من إعلان نتائج محاكمة الحريري التاريخية حدث انفجار آخر بحجم الذي هز بيروت في عيد الحب ليعيد خلط الأوراق، وبعد كل هذه السنوات وراء الحقيقة، ووراء طمس الشواهد، وتضليل العدل، وسلسلة التفجيرات والاغتيالات، والمشادات السياسية، ومن قرية صغيرة قرب «لاهاي» تتكدس ملفات، أكلت وقتاً ومالاً، من أجل أن يثبت العالم أن هناك عدلاً في الحياة، وأن الشيطان يمكن أن يهزم، لينام ذاك الرجل بسلام، ولتصدق نبوءة تلك العجوز الحزينة من صيدا «أن هذا شهيد ما ينبكي»، ذاك الرجل كانت خطيئته الوحيدة أنه كان يريد أن يعمر لبنان، ويبعد عنه الخراب ولون الرماد.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بيروت وصباح الرماد بيروت وصباح الرماد



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 06:02 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

أسرار أبرز التيجان الملكية التي ارتدتها كيت ميدلتون
 صوت الإمارات - أسرار أبرز التيجان الملكية التي ارتدتها كيت ميدلتون

GMT 19:45 2018 الإثنين ,12 شباط / فبراير

محمد صلاح يؤكد سعادته بفوز فريقه على ساوثهامتون

GMT 12:49 2017 الأحد ,17 كانون الأول / ديسمبر

اكتشاف 4 مقابر لأطفال في أسوان أحدهم مصاب بشكل خطير

GMT 19:26 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدًا وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 11:34 2020 السبت ,19 كانون الأول / ديسمبر

أحدث إطلالات جيجي حديد في اول ظهور لها في نيويورك

GMT 20:55 2019 الأربعاء ,18 أيلول / سبتمبر

4 وفيات اثر حادث تصادم على الطريق الصحراوي

GMT 15:33 2018 الأربعاء ,02 أيار / مايو

أنواع فيتامين "الأوميجا" تعمل على تغذية الجسم

GMT 14:42 2013 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

وحيد حامد في ضيافة خيري رمضان في برنامج "ممكن"

GMT 19:05 2014 الأحد ,07 كانون الأول / ديسمبر

3 تطبيقات مجانية لمراقبة أداء أجهزة "آيفون"

GMT 14:49 2013 السبت ,06 إبريل / نيسان

الإعلام يساهم في تغير المجتمعات نحو الأفضل

GMT 10:43 2013 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة : غسل اليدين يزيد الطالب تفوقاً

GMT 00:49 2020 الجمعة ,25 أيلول / سبتمبر

أفضل عطر نسائي للمرأة العاملة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates