تذكرة وحقيبة سفر 2

تذكرة.. وحقيبة سفر -2

تذكرة.. وحقيبة سفر -2

 صوت الإمارات -

تذكرة وحقيبة سفر 2

ناصر الظاهري
بقلم - ناصر الظاهري

بقدر ما هي جميلة تلك القرى التي تطل على الأنهر، وبقدر ما هي أخاذة المدن التي تقع على طريق الحرير، إلا أن النوم مقلق فيها، ويتطلب لياقة من نوع ما، خاصة أن العصر الحديث دجن فينا الإنسان البرّي، وجعله مستسلماً لنعومة الأشياء، أصبحت حواضر الأمس قديمة وموحشة اليوم، تعلوها غبرة التاريخ، غير أن التوقف على طريقة تجار القوافل أمر تستدعيه الضرورة، فما زالت الطرق الموصلة إليها، والمعمولة بعرق الجند، وبمهارة في غير محلها، شاقة ومتربة، ولا بد من المبيت في نُزلها وخاناتها التي تدار بالبركة، وعلى قدر إزالة وعثاء السفر.
اليوم.. لم يتغير الكثير عليها، وكأنها في عداء مع الرفاه، ورغيد العيش، فقد أنهكتها المناوشات والحروب والسلب والنهب، ومرور الجند في غزوات لا تنتهي، حتى انسل بساط الزمن من تحت أقدامها، وغدت عواصم لمدن الهامش، بدلاً من حواضر مدن المركز، «بخارى وسمرقند وفرغانه وطشقند وبورصة وتشيان وأصفهان وتبريز»، وغيرها ممن كانت ترفل في الدمقس والحرير، وتستطعم لذائذ المأكولات وبارد المشروبات «سفيد، وقرمز».
ما إنْ تحاذي حدودها وتبين جبالها حتى تشعر وكأنها مدن خلقت للطامعين، ومحط أنظار القادة الذين يتطلعون باستمرار لتوسعة مملكاتهم، وأن مرتفعاتها علامات لمعارك لم تنته بعد، وأن سهولها كانت دوماً مركضاً للخيول التي تسابق الريح في تلك السهول والسهوب الممتدة بعد النظر، كان الطريق باتجاه بعضها من «دوشنبيه» متعرجاً بين الجبال وعلى حوافها، والتي تظل توحي لك بقصص متخيلة عن الانحدار والانزلاق أو كتلة حجرية ظلت تتدحرج بقوة عربة النار، وتريد شيئاً يمسكها أو تدهسه، تغمض عينيك وتفتحهما على الواقع طرداً لذلك المخيال، تظل تحسب الساعات حتى مغيب الشمس، فيجبرك طول الطريق على المبيت، مثلما تجبرك مدينة «خوجند» مسقط رأس الشاعر الطاجيكي العظيم «كمال خوجندي» أن تتوقف، وتقول: «سأحط بالرحال متأنساً بليل، وكلمات هذا الشاعر الدرويش عاشق الليل».
كان فندقاً أقرب لـ «مسافر خانه» أو الخان، ذاك الذي دلّني عليه سائق السيارة الطويل الضعيف المسمر، والذي يشبه بائع الجواري في عهود قديمة، المدخل مدخل بغال، والغرف مزينة بذوق شعبي معاند، من ذلك الذي ينتقي من كل دكان حاجة، فعجين الألوان سكتُ عنه وقلت: «هي ليلة، ونسرح في فجرها»، نمت ساعة من التعب، وإذا بتلك الألوان الصارخة تهزك من مرقدك، وتقول لك: قم.. فمرة تتخيل لك الغرفة مثل علبة بسكويت بألوانها الساذجة التي تشبه بالونات عيد الميلاد، لكي تسكت الفم عن طعمها غير المستساغ، ومرات تتراءى لك كعلبة شوكولاته إنجليزية «ماكنتوش» تتناثر في سقفها، كان هناك لون قرمزي بالتحديد يتصالق، ويشبه ثياب امرأة مبتدئة على الطريق، تحس أنه يقبض يدك، ويهزك، ألوان تبكي من الجوع، وأخرى من الحرمان، ألوان تريد الهرب، لا تطيق حالها، كانت ليلة أشبه بحفلة تنكر، هربت منها بالمشي في ليل يعرف لونه الوحيد، مستهدياً بقول شاعرها الماثل كحارس ملائكي لها:
«بعد از امروز آشکارا دوست می دارم ترا
 از تو چون پوشم نگارا دوست میدارم ترا»

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تذكرة وحقيبة سفر 2 تذكرة وحقيبة سفر 2



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

نجوى كرم بإطلالات استثنائية وتنسيقات مبهرة في "Arabs Got Talent"

القاهرة - صوت الإمارات
نجوى كرم النجمة اللبنانية وعضو لجنة تحكيم برنامج "Arabs Got Talent" في موسمه السابع؛ مع كل حلقة تعرض تشاركنا بصور لها من كواليس البرنامج، وتسلط الضوء باستمرار على إطلالاتها الجذابة التي خطفت بها الانتباه وقت التصوير، حيث تألقت نجوى كرم بإطلالات استثنائية جعلتها محل اهتمام الجمهور خلال البرنامج، وشاركتنا بأجمل صورها على انستجرام، فدعونا نأخذكم في جولة على أجمل الإطلالات التي ظهرت وسوف تظهر بها نجوى كرم في حلقات الموسم السابع من برنامج اكتشاف المواهب الشهير. الإطلالات الناعمة الخالية من التفاصيل المبالغ فيها؛ كانت خيار لافت للنجمة اللبنانية تزامنًا مع تحضيرها للبرنامج الشهير أو تصوير بعض الحلقات، فظهرت مؤخرًا بإطلالة باللون الأبيض جاءت مكونة من فستان طويل بتصميم كلاسيكي، جاء من الأعلى بأكمام طويلة وياقة عريضة ومفتوحة على ...المزيد

GMT 23:07 2014 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

نجمات مصريات يسترجعن رشاقتهن ويخسرن أوزانهن بحمية صارمة

GMT 08:02 2014 الثلاثاء ,23 أيلول / سبتمبر

أمير منطقة نجران يفتتح معرض للصور التاريخية

GMT 12:03 2018 الإثنين ,21 أيار / مايو

ممارسة الرياضة خلال منتصف العمر تحمي القلب

GMT 18:59 2018 الخميس ,26 إبريل / نيسان

تعرف على أخطر الرحلات السياحية في العالم

GMT 06:43 2013 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

الموسم الجديد من برنامج "تاراتاتا" على "روتانا مصريَّة"

GMT 13:46 2013 الجمعة ,09 آب / أغسطس

أزمة ثقة في الطاقة النووية في شمال آسيا

GMT 19:18 2016 الخميس ,04 شباط / فبراير

حلقة خاصة عن العلاقات الزوجية على الراديو 9090

GMT 12:16 2013 الجمعة ,12 تموز / يوليو

"الفلّاقة" يقرصنون موقع جريدة الصّريح

GMT 13:27 2017 الإثنين ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

10 حيل فعالة لمساعدة طفلك على التركيز أثناء المذاكرة

GMT 01:08 2020 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

برشلونة لا ينوي دفع أموالاً إضافية لـ "ليفربول" بسبب كوتينيو
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates