تذكرة وحقيبة سفر 2

تذكرة.. وحقيبة سفر -2-

تذكرة.. وحقيبة سفر -2-

 صوت الإمارات -

تذكرة وحقيبة سفر 2

ناصر الظاهري
بقلم - ناصر الظاهري

من مثقلات الأمور على النفس، خاصة في المؤتمرات الثقافية أو ذات الطابع الفكري، الجدّية المصطنعة، والتّزمت، وعدم الابتسام إلا للضرورة وللنساء، وتقتير، وبخل في أمور صغيرة، وذلك التّزاحم على «بوفيه» شبه بارد، والذي لا يتغير كثيراً، أو التسابق مع أولئك الشغوفين بالصورة الملونة، على الطاولة الأمامية، حيث يكثر اللكز بالأكواع، وشق الصفوف بكتف غير قانوني، ليفوزوا بلمعة «فلاشات» المصورين، وتصدر صفحة في الجريدة مع الراعي الرسمي أو عليك الانتظار حتى يمتلئ «باص» الوفود الرسمية، ثمة أشياء في الحياة ثمنها دراهم معدودات، لكنها مصحوبة بفرح في الداخل، فلتتبعها، وعفّ عن المجانية التي لا يقدر عليها وجهك، ولا سماحة النفس.
قرب موعد الجلسة التي سيشارك فيها اثنان من الروائيين العرب الكبار: الجزائري «واسيني الأعرج» والمصري «جمال الغيطاني»، والمستشرق الإسباني «بيدرو مارتينيز مونتابيث» وذلك الشاب ذو الملابس الصيفية، و«الكاميرا» التي تثقل كتفه، ويديرها وزير خارجية المغرب الأسبق، ورئيس المهرجان «محمد بن عيسى».. خشيت أن ينصرف عني الجمهور إن وضعت كآخر المتحدثين، وبذلك يوافق الظرف تجاهل المدينة الرسمية، ونظرة بعض المنتدين، لا المدينة الشعبية التي أحب.
اعتليت المنصة غير متخل عن كاميرتي، ولا عن تلك الملابس الكتانية البحرية، وحاذيت أناساً أكتافهم أعلى مني قدراً، وعلماً، وشرفت أنني بينهم، وسعدت أن الظروف جعلتني منهم، فألقيت ورقتي وسط استحسان الجميع، ودهشة الكثير من أصحاب حروف الدال التي تسبق أسماءهم الطنّانة، والنقاد المتكلسين، والأكاديميين الذين لا يتخلون عن بدلهم البنية الداكنة صيفاً، والذين كانوا يرمقونك بنظرات توحي بشماتة الجهل، يكفي أن كبيرهم الذي علمهم النقد، وعدم صرف النقود، تنازل عن بخله العاطفي، وقال: ورقة جميلة ومختلفة، وتجربة جديدة من مكان بعيد، فصدّق ما في داخلي، أنني لم أتخل يوماً عن الثقة بالنفس المبنية على مرجعية معرفية، والمدعومة بتجربة الحياة والناس والأسفار، والسهر والتعب على تمكين وبناء الذات.
وقبل انتهاء الندوة تساءل رئيس الجلسة، ومدير المهرجان، موجهاً سؤالاً طائراً، لا لأحد على التعيين، ويبدو أنه كان يقلقه منذ زمان، لِمَ نقول دائماً: رئيس الجلسة، ولو كانت تديرها وترأسها امرأة، ولا نقول رئيسة؟ ووسط صمت البعض، ودهشة البعض الآخر، انبرى الشاب ذو الملابس الكتانية بمرحه الصيفي: «سيدي بن عيسى، وليسمح لي الحضور، العرب لا تؤنِّث الرأس، ولا ترئِّس الأنثى، فقط لا غير»، لقي الجواب استحساناً، وضحكاً من بن عيسى كثيراً، وتبعه الحضور، وغصّت به امرأة يبدو أنها من جمعية مناصرة المرأة المغربية.
شعرت بعدها بعودة الروح، وبفرح طفولي يرافق عادة النجاح، وبخبرة تدعم ثوابت في الحياة، وباعتناء مبالغ فيه من قبل المنظمين، وكأنه اعتذار بأثر رجعي، وتقدير جاء متأخراً قليلاً، وبهجمة من إعلاميين كانوا يعتقدون أن ما تلبسه على رأسك، يمكن أن يساوي ما في رأسك!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تذكرة وحقيبة سفر 2 تذكرة وحقيبة سفر 2



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 06:02 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

أسرار أبرز التيجان الملكية التي ارتدتها كيت ميدلتون
 صوت الإمارات - أسرار أبرز التيجان الملكية التي ارتدتها كيت ميدلتون

GMT 19:45 2018 الإثنين ,12 شباط / فبراير

محمد صلاح يؤكد سعادته بفوز فريقه على ساوثهامتون

GMT 12:49 2017 الأحد ,17 كانون الأول / ديسمبر

اكتشاف 4 مقابر لأطفال في أسوان أحدهم مصاب بشكل خطير

GMT 19:26 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدًا وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 11:34 2020 السبت ,19 كانون الأول / ديسمبر

أحدث إطلالات جيجي حديد في اول ظهور لها في نيويورك

GMT 20:55 2019 الأربعاء ,18 أيلول / سبتمبر

4 وفيات اثر حادث تصادم على الطريق الصحراوي

GMT 15:33 2018 الأربعاء ,02 أيار / مايو

أنواع فيتامين "الأوميجا" تعمل على تغذية الجسم

GMT 14:42 2013 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

وحيد حامد في ضيافة خيري رمضان في برنامج "ممكن"

GMT 19:05 2014 الأحد ,07 كانون الأول / ديسمبر

3 تطبيقات مجانية لمراقبة أداء أجهزة "آيفون"

GMT 14:49 2013 السبت ,06 إبريل / نيسان

الإعلام يساهم في تغير المجتمعات نحو الأفضل

GMT 10:43 2013 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة : غسل اليدين يزيد الطالب تفوقاً

GMT 00:49 2020 الجمعة ,25 أيلول / سبتمبر

أفضل عطر نسائي للمرأة العاملة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates