تذكرة وحقيبة سفر 1

تذكرة.. وحقيبة سفر -1-

تذكرة.. وحقيبة سفر -1-

 صوت الإمارات -

تذكرة وحقيبة سفر 1

ناصر الظاهري
بقلم - ناصر الظاهري


في مثل هذه الأيام من كل عام، ومنذ سنوات طوال كانت «أصيلة» المغربية على موعد مع الجميلين والمبدعين من شتى بقاع العالم، فقد صنع ابنها البار «محمد بن عيسى» من مهرجانها محجاً، ومن «أصيلة» قبلة سياحية، وذات صيف كنت مدعواً للمشاركة كمتحدث في مهرجانها الثقافي والفني، فحرصت كعادتي التي أحبها، ولا أريد أن أتخلى عنها، على عدم إرباك المضيف أو إضافة تكاليف على السفير وطاقم السفارة، كما يطيب للكثيرين فعلها، وجعلهم يأمرون بسيارة تنتظر في المطار، ورجل علاقات عامة، قد يكون منهكاً ذاك النهار، وربما لم يكن على ما يرام مع «المدام»، ويكلف بانتظار ضيف لا يعرف وجهه نهار الجمعة، وحدها تلك اللوحة الورقية المتهالكة، والتي كتبت بخط رديء، وعلى عجل، يمكنها أن تدله على تلك الجثة التي تسحب ثلاث حقائب، فيها أشياء كثيرة غير ذات جدوى، لكنها مرتبة بعناية فائقة، لا تقدر عليها النساء، بحيث القبعات في جانب، والأحذية نائمة في أكياسها المخملية، ولكل يوم لبستان، صباحية ومسائية، وتكفي لأيام طوال، كل هذه التفاصيل سيختصرها موظف العلاقات العامة بابتسامة مجبر عليها، وبشد اليد بحرارة مبالغ فيها، ثم ترمى حقائبك التي تزهو بعلامتها التجارية، وكأنها صناديق فواكه «خامجة» منذ أسبوع، وسيتكلف بالحديث والترحيب الذي ملّ منه طوال الطريق من المطار إلى الفندق، لذا حضرت وحدي، وبحسب وقتي، خفيفاً، مريحاً، مرتدياً ملابس صيفية رياضية، فيها زهزهة الصبا، ولون الشباب المرح، لطبيعة المدينة، وصيفها البحري، ولأن فعاليات المهرجان طابعها غير رسمي، لذا خاب ظن الذين يتوقعون حضورك بزيك الرسمي، وصورتك النمطية، لأنك مفرز من دول الخليج النفطي، لكنك كنت متأبطاً تلك «الكاميرا» كشاب مهاجر إلى أميركا اللاتينية، خفيف التحرك، لاصطياد لقطات، أعدها من أجمل الأشياء التي أظفر بها أثناء السفر، فتصرفت بطبيعتي التي أود دائماً أن أكون فيها غير مثقل على النفس، ولا على الناس المضيفين، لكن موظفي المهرجان، وبعض المشاركين العتاة، والسنويين، والجهات الإعلامية لزموا حيالي التجاهل التام، ومعاملتي على أساس أنني مصور فوتوغرافي جاء ليغطي الفعاليات، وشاب قليل الخبرة، كما توحي ملابسه الكتانية ذات الألوان الذاهبة باتجاه المرح والمشاغبة وقلة الحيلة، وأنه ربما يفضل أن يجلس في قهوة على الرصيف مع بعض السائحات الأجنبيات على أن يملأ رأسه الفارغ بمصطلحات أدبية ونقدية، كالسيميائية والأنطولوجية والديماغوجية.
في البداية لم أعر المسألة اهتماماً، فقد تعودت على مثل تلك النظرة السطحية، والحكم الأوليّ، بحكم المشاركات الكثيرة في المؤتمرات، لكن مع انقضاء أيام المهرجان الأولى، وتلك المعاملة غير المكترثة، وما تولده طريقة التعامل بمكيالين، وشروط الأفضلية التي كنت أجهلها عند موظفي العلاقات العامة، ومسؤولي المهرجانات الذين يفضلون لابسي ربطات العنق في الصيف، والخجل الذي يضع الإنسان الحساس عالياً، ولو على حساب النفس والكيس، قلت: في المدينة بحر، وإرث، وأسواق، وحِسان يبرّدن على الفؤاد، فلِمَ أضع القلق وسط كل هذه الأشياء الجميلة؟ لأعش أيامي هنا، كما تهوى النفس، فليس أثقل عليها من الغداء بورقة «فاوشر» أو أكل بوفيه شبه بارد، وبايت من الأمس.. ونكمل

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تذكرة وحقيبة سفر 1 تذكرة وحقيبة سفر 1



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 06:02 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

أسرار أبرز التيجان الملكية التي ارتدتها كيت ميدلتون
 صوت الإمارات - أسرار أبرز التيجان الملكية التي ارتدتها كيت ميدلتون

GMT 19:45 2018 الإثنين ,12 شباط / فبراير

محمد صلاح يؤكد سعادته بفوز فريقه على ساوثهامتون

GMT 12:49 2017 الأحد ,17 كانون الأول / ديسمبر

اكتشاف 4 مقابر لأطفال في أسوان أحدهم مصاب بشكل خطير

GMT 19:26 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدًا وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 11:34 2020 السبت ,19 كانون الأول / ديسمبر

أحدث إطلالات جيجي حديد في اول ظهور لها في نيويورك

GMT 20:55 2019 الأربعاء ,18 أيلول / سبتمبر

4 وفيات اثر حادث تصادم على الطريق الصحراوي

GMT 15:33 2018 الأربعاء ,02 أيار / مايو

أنواع فيتامين "الأوميجا" تعمل على تغذية الجسم

GMT 14:42 2013 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

وحيد حامد في ضيافة خيري رمضان في برنامج "ممكن"

GMT 19:05 2014 الأحد ,07 كانون الأول / ديسمبر

3 تطبيقات مجانية لمراقبة أداء أجهزة "آيفون"

GMT 14:49 2013 السبت ,06 إبريل / نيسان

الإعلام يساهم في تغير المجتمعات نحو الأفضل

GMT 10:43 2013 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة : غسل اليدين يزيد الطالب تفوقاً

GMT 00:49 2020 الجمعة ,25 أيلول / سبتمبر

أفضل عطر نسائي للمرأة العاملة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates