«عيايز العرس»

«عيايز العرس»

«عيايز العرس»

 صوت الإمارات -

«عيايز العرس»

ناصر الظاهري
بقلم - ناصر الظاهري

كثيراً ما يحدث في الأعراس أن تجد عجوزتين أو أكثر، منطويات في زاوية من العرس، هيبتهن الأولى تنبئ عن عميق حكمة، وتجربة دهر، وصمتهن المتفقات عليه لحين، يوحي للآخرين بذاك الوقار الذي لن يدوم طويلاً، لكن في حقيقتهن أنهن من عجائز إبليس، ماكرات لا يغلبهن إلا الذهب، ولا يعجبهن العجب، تجدهن يأتين مبكرات في الحضور قبل الجميع، وهن ممن بلغن أرذل العمر، ويدقون لهن الماء، لكنهن من العنيدات، ولا متعة لهن باقية غير تلك الثرثرة التي يسعين لها سعي الحية الرقطاء، ثم ينسينها بعد قليل، أولئك العجائز المندسات عادة ما يحضرن من دون عزيمة ملحّة، ومرات يأتين بطريقة مجانية، وهن مدركات أن لا أهل العروس سيسألون عنهن، ولا أهل العريس يعرفونهن في الأساس، وبذلك سيحتللن تلك المساحة الوهمية دون أي عائق، فلا أحد سائل، ولا أحد فاض وسط ذاك الضجيج والدّق والرقص، وهي فرصة أن يبدين كل المساوئ، وينتقدن كل الحاضرات من الطرفين. هؤلاء العجائز هن «عيايز العرس»، ونكهته، ولا يطيب إلا بهن، طبعاً لا تتوقعوا أن يعجبهن شيئاً، وأول تلك الأشياء المنقودة، هو الأكل، وبعد أن يزدردن ما لذ وطاب بتلك الأفواه الدرداء، سيبدأن في الحديث المباح بعد كل ذلك الانشراح: «أظني أكلهم تهم.. تقول يأكلون مع الجن، عافنا الله»! «تراهم شارينه من المطعم، تحسبينهم طابخين مرايل»!
بعدها سينتقلن إلى النساء الجميلات، وسيتفقن كلهن على تسمية واحدة «مستخفّات حريم هالوطر.. لا خيال ولا مستحى»، وستنقضي الساعات وهن يدرن حجر الرحى، فلانة حطّت، وفلانه خلّت، وفلانه حامل، وفلانه عَقّت، وفلانه طلقها ريّلها، وفلانه يقولون: خشعت رَيّلها خشعة «الكاروب»، فتصحح لها أخرى: «واييه.. مب خشعت يا نفافة.. خلعت.. خلعت»! فتزيدها الثالثة: «خشعت وإلا خلعت، يعني ما حبّته لا على رأسه، ولا تفَدّته بالغالي»!
ويمضي ذاك العرس بأجوائه، و«عيايز العرس» في أجواهن، ولا يخلين لا «حاثرة ولا باثرة» إلا ويجلبنها في ذاك «الغَيّ»، ولا تنتهي وصلتهن إلا حين تحضر العروس ويفصلنها من أعلى «الطرحة» حتى أسفل كعب القدم، وما أن ينتهين حتى يجلبن سيرة أمها غير العطرة في أفواههن الدرداء، ويتذكرن زمانهن، وكيف كان عرس كل واحدة منهن، لكن يظل في فم كل واحدة منهن ماء، لأنهن يحببن أن يقرضن سيرة بعضهن بعضاً، قرض البراقع، إذا لم يجدن من يشّبرّن سيرته شبراً، «عيايز العرس» في طريقهن إلى الانقراض في عصر الديجتل والرقمي، بعد ما سلمنّ شعلة مسيرة «الحش والقرض» وذكر المثالب، وطمس المحاسن إلى «الفاشينيستات» المتشابهات، وخَطّابات العصر الافتراضي اللائي لهن في كل عرس قرص!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«عيايز العرس» «عيايز العرس»



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 06:02 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

أسرار أبرز التيجان الملكية التي ارتدتها كيت ميدلتون
 صوت الإمارات - أسرار أبرز التيجان الملكية التي ارتدتها كيت ميدلتون

GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 14:45 2017 الأحد ,16 إبريل / نيسان

"الشيكولاتة المكيسكية" أبرز وصفات لويز باركر

GMT 09:19 2016 الأحد ,21 شباط / فبراير

اليابان تبتكر "موبايل" قابل للغسل

GMT 16:02 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

يوسف السركال" القطريون دبروا ما حدث في بانكوك"

GMT 08:27 2015 الأربعاء ,09 كانون الأول / ديسمبر

نهيان بن مبارك يفتتح معرض "السوربون أبو ظبي"

GMT 17:09 2019 الثلاثاء ,22 كانون الثاني / يناير

تسريبات تكشّف تفاصيل عن مواصفات "سامسونغ غالاكسي S10"

GMT 14:25 2015 الأحد ,25 كانون الثاني / يناير

الشارقة الدولي للكتاب يشارك في معرض القاهرة

GMT 21:15 2015 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

توم فورد يقدم عطرًا مستوحى من ازدواجية إمرأة

GMT 07:09 2017 الجمعة ,01 كانون الأول / ديسمبر

كتابيه لـ عمرو موسى الأكثر مبيعًا في مهرجان الكويت

GMT 08:23 2013 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

مراسلو الإذاعة في ميادين مصر لرصد الاحتفالات الشعبية

GMT 14:28 2017 الجمعة ,27 تشرين الأول / أكتوبر

الوجبات الخفيفة تعزز طاقة الجسم وتحميه من الجوع
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates