ضحكته وهبها للناس وتتبعه

ضحكته وهبها للناس.. وتتبعه

ضحكته وهبها للناس.. وتتبعه

 صوت الإمارات -

ضحكته وهبها للناس وتتبعه

ناصر الظاهري
بقلم ناصر الظاهري

لا أدري كيف تودع الأشياء والأمكنة الناس الطيبين لأقصى درجات الخير والطيبة؟ مثلما لا أدري كيف يكون بكاؤها على الناس الظرفاء الذين يعلقون الفرح على جدرانها، وعتبات بيوتها، أولئك الذين يشعرونك دوماً أنهم بلا وجع، يمرحون ويفرحون، الداخلون للبيوت بابتسامة، والخارجون منها بدوي ضحكات تتبعهم؟ كيف هو الأسى والأسف عليهم في رحيلهم الأخير؟ هل يبقون في ذاكرة المكان والمدن وكل الكائنات والأشياء المحيطة بهم، مثلما هم في ذاكرة الناس، حيث يكون لوداعهم تلك الفاجعة الصامتة، والخلو والفراغ، وكأننا ودعنا الفرح، وشيّعنا الضحكة بعدهم، الناس الظرفاء الفرحون على الدوام يبدون لي أن الحياة تنقبض لفراقهم أو أقلها ثمَّ شيء اهتز فيها، وحرّك مفصلاً في ثوابتها، لأن الحياة تحيا بهم وبمثلهم، دائماً ما يرتبط في الذهن أن الطيبة تسكن الظرفاء أكثر من غيرهم، وأنهم يفرحون لآخر مدى للفرح حتى الطيور الطائرة، تتوقف لهم، ولا تكمل خفق أجنحتها إلا بعد أن تنصت لضحكاتهم الصافية كماء، ودقات قلوبهم البيضاء كندف الثلج، مثل ذاك الكف الأبيض الذي ينعت بالخير، ويدل على الخير، ولا يفعل إلا الخير.
«مطر عبيد الحويري» واحد من ظرفاء العين، ووجوهها القديمة الباقية، ترجل بالأمس مودعاً العين وأهلها، وتسعين عاماً من الخير والطيبة والضحكة الحاضرة على الدوام، عرفته منذ كنت طفلاً، وأجبرني على الإنصات له حينما وعيت صغيراً، بحضرة الأب أو الخال الظريف مثله «سالم بن هادي»، وأضحكني شاباً، وحينما كبرت، وكبر، كان لضحكاته ومرحه شيء من الفرح والحكمة الغائبة، ومر الأعوام، وفقدان أصدقاء ورفقاء التعب والضحك والأشياء الكثيرة المشتركة، كدّ كدّ الأولين الصابرين، ممتهناً وظائف للوقت والحاجة، حتى دخل «قوة ساحل عُمان» وتنقل معها في معسكراتها المختلفة من الشارقة والمنامة والجاهلي والحمراء والجبل الأخضر ومحضة، بعدها تركها ودخل سلك الشرطة حين تم تأسيس شرطة أبوظبي في قلعة المربعة في العين، حتى ختمها بالتقاعد، له أحاديث جميلة وممتعة، ومواقف تندر وضحكة مع أصدقاء ورفاق قدامى بقي يبكي الكثير منهم ممن تركوه وغادروا فجأة، أو ممن ينتظرون الرحيل، أمثال؛ «راشد البعير، وسالم كشيش، وسيف العتبي»، وكثيرون مثلهم وغيرهم، كان لحسهم صوت في المكان، ولوقع أقدامهم أثر في المناطق المخضرّة بالنخيل والمعشبة بالحِيْا والبُر والحَبّ أو تلك الرمال التي لها من الزعفران لونه وطيبه، باتجاه الرملة والمطلاع والنطلة والنقفة، رأيته في ثلاث مناطق سكنه؛ بالقرب من سوق العين القديم، ربما كانت حارة «الشَلّ»، ثم في الكويتات، كجيران قربى، ثم جاء بِنَا القدر، وتجاورنا كجيران الجنب في فلج هزاع، سعدت أنني سجلت له مادة فيلمية مطولة، وكان منطلقاً كعادته، ضمنت بعضها في فيلمي «في سيرة الماء والنخل والأهل»، وبقي الكثير منه لفيلم «حجر الرحى»، ستفتقد العين واحداً من ظرفاء الوقت والمكان، ستفتقد حتماً «مطر عبيد الحويري الظاهري» في غيابه الأخير المبكي، تاركاً خلفه ضحكة وهبها للناس.. وستبقى.. وتتبعه.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ضحكته وهبها للناس وتتبعه ضحكته وهبها للناس وتتبعه



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 06:02 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

أسرار أبرز التيجان الملكية التي ارتدتها كيت ميدلتون
 صوت الإمارات - أسرار أبرز التيجان الملكية التي ارتدتها كيت ميدلتون

GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 14:45 2017 الأحد ,16 إبريل / نيسان

"الشيكولاتة المكيسكية" أبرز وصفات لويز باركر

GMT 09:19 2016 الأحد ,21 شباط / فبراير

اليابان تبتكر "موبايل" قابل للغسل

GMT 16:02 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

يوسف السركال" القطريون دبروا ما حدث في بانكوك"

GMT 08:27 2015 الأربعاء ,09 كانون الأول / ديسمبر

نهيان بن مبارك يفتتح معرض "السوربون أبو ظبي"

GMT 17:09 2019 الثلاثاء ,22 كانون الثاني / يناير

تسريبات تكشّف تفاصيل عن مواصفات "سامسونغ غالاكسي S10"

GMT 14:25 2015 الأحد ,25 كانون الثاني / يناير

الشارقة الدولي للكتاب يشارك في معرض القاهرة

GMT 21:15 2015 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

توم فورد يقدم عطرًا مستوحى من ازدواجية إمرأة

GMT 07:09 2017 الجمعة ,01 كانون الأول / ديسمبر

كتابيه لـ عمرو موسى الأكثر مبيعًا في مهرجان الكويت

GMT 08:23 2013 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

مراسلو الإذاعة في ميادين مصر لرصد الاحتفالات الشعبية

GMT 14:28 2017 الجمعة ,27 تشرين الأول / أكتوبر

الوجبات الخفيفة تعزز طاقة الجسم وتحميه من الجوع
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates