تذكرة وحقيبة سفر 1

تذكرة وحقيبة سفر -1-

تذكرة وحقيبة سفر -1-

 صوت الإمارات -

تذكرة وحقيبة سفر 1

ناصر الظاهري
بقلم - ناصر الظاهري

في بدايات الأسفار الأولى، كان الفضول يسيّر طريقنا في المدن، وكانت الدهشة مفتاحنا للفرح بالأشياء فيها، والتعرف عليها، وكان ذاك الوقت يتسم بالبساطة في التعاملات مع مجريات الأمور، لا تلك الريبة والرهبة والتوجس والتحفز والتربص منك، ولا منهم، زرنا دولاً لا نعرف إن كانت تتطلب منا «فيزا»، وكانوا يدخلوننا بعد دفع المعلوم في المطار، لا تفتيشات، ولا أجهزة إلكترونية تشعرك أنك مريب، وتشير لأخذك، كان يمكنك أن تسافر بـ «بيب مالح»، ولا أحد يسألك، إلا من باب المعرفة بالشيء، لا الجهل به، وكانت الحياة رخيصة في عمومها، والناس يساعدون بعضهم بعضاً، كنا نحمل الحقائب أحياناً عن بعض المسافرين الذين نشعر أنهم غير قادرين، اليوم الشك يقف حائلاً دون أن تساعد امرأة في شهرها السابع، وتحمل على خاصرتها فطيماً، في حمل حقيبتها اليدوية الصغيرة، والخوف يمنعك من أن تحرس حقيبة واحد ألحّ عليه نداء الطبيعة لدقائق. الوقت تغير، والناس تبدلوا، والأخلاق تكاد تذهب دون رجعة، والقوانين المشددة أرعبت الناس، وجعلتهم يتخلون حتى عن إنسانيتهم في أبسط الأشياء، وفي أصعبها، مثل إغاثة الملهوف، ونصرة الضعيف، ومساعدة المحتاج، لذا اليوم الناس، في بعض الدول، ترى رجالاً يعتدون على امرأة، ويتركها المتفرجون فريسة لهم، ويولون أو ترى جمهوراً محتشداً في الشارع يتفرج على شخص مقتدر وظالم يفتك بإنسان بسيط، ولا أحد يتدخل، ولو رأى الناس جريحاً أو مصاباً ينزف دماً على الرصيف، فلن يتقدم أحد منهم لإسعافه، والشجاع من سيتصل بالإسعاف، ويتخلى عن السبق الإخباري، ويغلق كاميرا هاتفه عن التصوير.
وكنت في بداية السكن والاستقرار في فرنسا أو الإقامة شبه الطويلة في أوروبا، وحين كانت اللغة فرخ صغير يحبو كنت أدخل رأسي في تفاصيل اليوم للعلم بالأشياء، واكتساب المهارات اللغوية أو حتى الأمور الحضارية، خاصة إن كان الإنسان يريد أن يقرأ أدب هذا الشعب وقصصه ورواياته، ويتعرف على عميق عاداته، وتفاصيل حياته، لذلك كنت أكثر من فعل الخير، وهي طبيعة بشرية ورثتها من بين الأشياء الجميلة المشتركة التي كنت أرى فيها الأب والأم وهما يفرحان إن قدما شيئاً، فبقيت في الرأس أو جاءت عن طريق الأنزيمات لا أعرف، وهي كذلك صفة حضارية مكتسبة من القراءات والمشاهدات وبناء الشخصية، لكنها كثرت أكثر من اللازم في تلك الزيارات الجميلة التي لا تعرف الزمن ولا الوقت الذي يجري خلفك، اليوم أتحسر عليها، ولعل الفضول وربما الشغف القصصي والكتابة، ومعرفة عوالم النفس البشرية الخفيّة في كل الظروف زادتها أيضاً، فكنت أفسح دائماً للقادم أمامي أو أحاول أن ألقي عليه التحية والسلام، ولو بإيماءة من ضحك العيون أو أعبّر عجوزاً الطريق حتى أقعده على مقعد الحديقة، وأظل أتفقده من بعيد بين الحين والحين.. وغداً نكمل.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تذكرة وحقيبة سفر 1 تذكرة وحقيبة سفر 1



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 06:02 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

أسرار أبرز التيجان الملكية التي ارتدتها كيت ميدلتون
 صوت الإمارات - أسرار أبرز التيجان الملكية التي ارتدتها كيت ميدلتون

GMT 19:45 2018 الإثنين ,12 شباط / فبراير

محمد صلاح يؤكد سعادته بفوز فريقه على ساوثهامتون

GMT 12:49 2017 الأحد ,17 كانون الأول / ديسمبر

اكتشاف 4 مقابر لأطفال في أسوان أحدهم مصاب بشكل خطير

GMT 19:26 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدًا وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 11:34 2020 السبت ,19 كانون الأول / ديسمبر

أحدث إطلالات جيجي حديد في اول ظهور لها في نيويورك

GMT 20:55 2019 الأربعاء ,18 أيلول / سبتمبر

4 وفيات اثر حادث تصادم على الطريق الصحراوي

GMT 15:33 2018 الأربعاء ,02 أيار / مايو

أنواع فيتامين "الأوميجا" تعمل على تغذية الجسم

GMT 14:42 2013 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

وحيد حامد في ضيافة خيري رمضان في برنامج "ممكن"

GMT 19:05 2014 الأحد ,07 كانون الأول / ديسمبر

3 تطبيقات مجانية لمراقبة أداء أجهزة "آيفون"

GMT 14:49 2013 السبت ,06 إبريل / نيسان

الإعلام يساهم في تغير المجتمعات نحو الأفضل

GMT 10:43 2013 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة : غسل اليدين يزيد الطالب تفوقاً

GMT 00:49 2020 الجمعة ,25 أيلول / سبتمبر

أفضل عطر نسائي للمرأة العاملة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates