بقلم - ناصر الظاهري
خلال الأسفار العديدة كان لي ذاك الحظ الجميل أن جمعتني مدن بأصدقاء من الكتّاب والأدباء والصحفيين والفنانين، بعضهم جمعتنا أكثر من مدينة، لكن الشطر الأكبر كان من نصيب لندن وباريس وبيروت والقاهرة، فهذه المدن تجمع ألوان الطيف، وتكاد تتعثر في طريقك بأولئك الجميلين، بعضهم جمعتك بهم ساعات في مطعم راق أو مقهى يضج بالغرباء أو صحبة في نزهة مسائية، بعضهم ترافقنا لأيام، بعضهم بلا ميعاد التقينا، والصدفة وحدها أسعدتنا باللقاء، بعضهم الآخر كنا نتواطأ على موعد في مدينة بعينها، والكثير منهم أيضاً كانوا ضمن لقاءات ثقافية وفكرية أو مؤتمرات إعلامية أو أدبية أو مهرجانات سينمائية، ولا أجدني أبالغ إن قلت إن كل واحد منهم صنع ضجيجاً جميلاً في الرأس، وشاغب الأسئلة الكثيرة التي تزدحم في النفس العاشقة للمعرفة، في دمشق كان ذلك الروائي السعودي الرائع «عبدالرحمن منيف» والشاعر العراقي الكبير «محمد مهدي الجواهري» والجميل «محمد الماغوط» والروائي الفلسطيني «رشاد أبو شاور» و«ممدوح عدوان» و«سعد الله ونوس»، وغيرهم كثيرون من كتّاب وفنانين، وفي باريس الفنان والشاعر والخطاط العراقي الذي لن يتكرر «محمد سعيد الصكار»، والإعلامي المصري «عماد الدين أديب» و«أدونيس»، وهذا يكفيه هذا الاسم الذي يتحلى به، والروائي الجزائري «واسيني الأعرج»، وكل الكتّاب والفنانين المهاجرين والمنفيين من مشارقة ومغاربة، وهم أكثر مما أعد، لكني ما زلت أتذكر، في لندن التقيت الشاعر ذا القاموس اللغوي والشعري الجديد «نزار قباني» والروائي السوداني «الطيب صالح» والصحفي والناشر «رياض نجيب الريس» وعمدة لندن «د. نجم عبد الكريم» ومولانا «عثمان العمير»، و«عبد الرحمن الراشد» و«مصطفى، ومحمد كركوتي» وكتّاباً وفنانين عرباً وأجانب، وفي مدن مثل الرباط والقاهرة وبيروت وأبوظبي وتونس وعمّان وبغداد والكويت وموسكو، التقيت بالكثيرين، «مارسيل خليفة، ومحمود درويش، وسميح القاسم، وعبدالوهاب البياتي، ولميعة عباس عمارة، وعبدالستار ناصر، وخليل قنديل، وإبراهيم العبسي، وإبراهيم نصر الله، وعلي الشرقاوي، وخليل قنديل، وجبرا إبراهيم جبرا، وليلى العثمان، وعبد الرزاق البصير، وإسماعيل فهد إسماعيل، ورسول حمزاتوف، وغائب طعمة فرمان، وعمر الجاوي، وعزيز نسين، ولطفي الخولي والمنسي قنديل، وعبدالحكيم قاسم، والعروسي المطوي، والميداني بن صالح، وصغَيّر ولد أحمد، ورشيد بوجدرة، وسوينكا، ومحمد شكري، ومحمد الأشعري، ومحمد زفزاف» والكثير.. الكثير غيرهم، الجميل أنه بعد كل تلك اللقاءات ومشاطرة حياة المدن، كنت أرصدهم بعدستي، ولم يكن يدور في بالي أنني في يوم قد أعمل كتاباً مصوراً عنهم، وأن أعنونه «على مرمى من عدستي» يضم كل أولئك الجميلين الذين أشعلوا الرأس، وحمّلوني شيئاً غالياً منهم، مضيفاً لهم الكتّاب والفنانين الأعزاء من الإمارات، وبعض المشاهير من السياسيين.
اليوم.. أعد ذلك السفر سفراً معهم وفيهم، رأيت من خلال عيونهم مدناً مختلفة، وقرأت معهم أمكنة بطريقة مختلفة، بعض الصدف حين تحدث لأول مرة، لا تعرف كيف يمكن أن تصفها، إلا أنها خير، وأنك محظوظ بما فيه الكفاية.