تذكرة وحقيبة سفر 2

تذكرة.. وحقيبة سفر -2-

تذكرة.. وحقيبة سفر -2-

 صوت الإمارات -

تذكرة وحقيبة سفر 2

ناصر الظاهري
بقلم - ناصر الظاهري

«والله تفيزرت» بتلك البدلة التايوانية التقليد اللامعة في القطار الأرضي السريع «R.E.R»، وجلست أتتبع المحطات والتحويلات، فتخيل للجالسين في المقصورة أنني مثل الآتي من القرية لباريس، ومرتدياً كل ما هو معلق على حبل الغسيل، ابتسامتي الدائمة لم يترجمها جلهم، إلا أنني واقع تحت مشروع نصب، على طرفه الآخر امرأة متمرسة، ظل القطار ينهب الطريق حتى وصلت لمضيفنا بعد عدة تحويلات أرضية، وتبديل قطارات من السريعة إلى «المترو» العادي، استقبلني بحفاوة، وأول الجمل التي ساقها بطبيعته الشحيحة: «اخترت بيتي في هذا المكان لأنه هادئ ومريح وكل شيء طازج ورخيص، ولا تحتاج أن تنزل المدينة»، وافقته بهزة رأس فيها من عدم الاقتناع الكثير، حتى فاجأني أن العزيمة ليست في بيته، وإنما في منطقة بالقرب من «Rue Des Lilas»، وعلينا أن نركب لها قطاراً، وهنا بدأت عندي مرحلة الغليان، متمنياً عليه أن نشرب في أي مقهى فنجان قهوة ونتحدث، لكنه أصر قائلاً: «أنا أفضل تلك المنطقة، ولو كانت بعيدة قليلاً من هنا، لكن فيها مطعم إسلامي جيد»، فقلت في نفسي: «من قال لك إنني أريد مطعماً إسلامياً أصلاً»؟ تكبدنا ركوب القطار ثانية، طبعاً في الدرجة الثانية، لأنه هو من ناولني تلك التذكرة الصغيرة التي تشبه لسان الطير، فقلت: «يا خسارة هذه البدلة التايوانية اللامعة»! خرجنا من المحطة، فإذا به أمامنا مشوار من المشي يبدو أنه ليس بالقصير، لأننا مررنا بمحلات للمهاجرين تبيع أقمشة ألوانها نارية، وبضائع أفريقية وجلوداً وتماثيل خشبية، ثم مررنا بمخبز فرنسي يبدو أنه يستعد للرحيل من هذه المنطقة، ومحل جزارة لحم حلال، بقينا نمشي حتى مررنا بمقبرة لليهود على جدرانها كتابات عدائية، بما تسنت له ترجمتي الركيكة، فمازحته من غضبي: «يا ليتك أعطيتني ثمن هذه العزيمة نقداً»! فبرقت عيناه، كمن مَرَطّ من جيبه محفظته، فابتسم بمرارة واضحة لا تخفى عليّ، المهم.. بعد عناء وصلنا مطعماًً تركياً تفوح في جوانبه رائحة الشحوم الباردة، وكأنها ملتصقة بمفارش الطاولات، لأنها لم تغادر أنفي، كان مطعماً بائساً، وكأنه افتتح لعمال ومهاجرين يؤمونه بعد عناء نهار بطوله، وظل يعدد الأكلات التركية حتى شبعت من كلامه، مصححاً له بعض مسميات أكلهم اللذيذ، فانتبه قائلاً: «يبدو أنك خبير في المأكولات التركية»، قالها، وبينه وبين نفسه يتساءل ربما يكون بطيناً، ويطلب أكثر من وجبة، فحزمها وجزمها، طالباً لكل منا صحن كباب، لأنه على حد قوله: «هذا المطعم يقدم أفضل صحن كباب.. زي الكباب في الحسين»! طبعاً لا هو كباب ولا هو تركي، الشيء الوحيد الذي أعجبني الخبز التركي الساخن «لافاش»، جلست ساهياً مؤنباًً نفسي الخجولة، وكل تفكيري كيف الوصول إلى منزلي في رحلة القطارات الليلية، ثم طرأت لي فكرة، وسألت صاحب المطعم إذا كان هناك سائق تركي لديه سيارة ويوصلني لباريس، وسأعطيه مائة يورو، فقفز التركي قبل أن يقفز مضيفي أو حتى ينبس ببنت شفة، لأنه يبدو أنه يعرفه جيداً، ويدرك تأثير سماع وخروج المائة «يورو» عليه، ناول أحد عماله مفتاح سيارته الخصوصية، وأمره أن يوصلني لعنواني، ويأخذ مني مائة «يورو» نقداً، لا بالبطاقة الائتمانية، المشكلة أن رائحة الكباب الرخيص كانت في كل مكان؛ في السيارة، في ملابس العامل، وفي يدي وأنفي.. وحين أتذكر وجه مضيفي البخيل الضعيف، لذا بسببها قطعت صلتي به وبأمثاله، ولو حلفوا عليّ بالكعبة المشرفة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تذكرة وحقيبة سفر 2 تذكرة وحقيبة سفر 2



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة - صوت الإمارات
تلهم النجمة المصرية تارا عماد متابعاتها العاشقات للموضة بإطلالاتها اليومية الأنيقة التي تعكس ذوقها الراقي في عالم الأزياء، بأسلوب هادئ ومميز، وتحرص تارا على مشاركة متابعيها إطلالاتها اليومية، وأيضا أزياء السهرات التي تعتمدها للتألق في فعاليات الفن والموضة، والتي تناسب طويلات القامة، وهذه لمحات من أناقة النجمة المصرية بأزياء راقية من أشهر الماركات العالمية، والتي تلهمك لإطلالاتك الصباحية والمسائية. تارا عماد بإطلالة حريرية رقيقة كانت النجمة المصرية تارا عماد حاضرة يوم أمس في عرض مجموعة ربيع وصيف 2025 للعبايات لعلامة برونيلو كوتشينيلي، والتي قدمتها الدار في صحراء دبي، وتألقت تارا في تلك الأجواء الصحراوية الساحرة بإطلالة متناغمة برقتها، ولونها النيود المحاكي للكثبان الرملية، وتميز الفستان بتصميم طويل من القماش الحرير...المزيد

GMT 19:18 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة
 صوت الإمارات - فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة

GMT 19:21 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد
 صوت الإمارات - أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد

GMT 05:35 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الذكاء الاصطناعي يساهم في انبعاثات ضارة تؤثر سلباً على البيئة
 صوت الإمارات - الذكاء الاصطناعي يساهم في انبعاثات ضارة تؤثر سلباً على البيئة

GMT 08:38 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

يبدأ الشهر مع تلقيك خبراً جيداً يفرحك كثيراً

GMT 05:21 2015 الأربعاء ,11 شباط / فبراير

افتتاح معرض "ألوان السعودية" المتنقل في جدة

GMT 07:14 2015 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

الرميحي يزور جناح دولة قطر في معرض "اكسبو 2015"

GMT 20:48 2013 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

برنامج جديد فى إذاعة الشرق الأوسط عن التعديلات الدستورية

GMT 13:26 2015 الخميس ,22 تشرين الأول / أكتوبر

مقهى ثقافي ومسابقة تصوير في معرض كتاب شرطة دبي

GMT 11:40 2015 الخميس ,29 تشرين الأول / أكتوبر

"أبوظبي للسياحة" تنظم معرض "ميادين الفنون"

GMT 07:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

جبل بوزداغ من أروع المناطق السياحية للتزلج

GMT 05:28 2016 السبت ,27 شباط / فبراير

HTC تنشر أول صورة تشويقية لهاتفها المرتقب One M10

GMT 11:02 2013 الجمعة ,28 حزيران / يونيو

بحث تطوير مشروع جامعة عمان مع كامبريدج

GMT 03:34 2015 الإثنين ,21 كانون الأول / ديسمبر

معرض جدة الدولي للكتاب يستقطب أكثر من 600 ألف زائر

GMT 08:27 2015 الأحد ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ميثاء الخياط تعرّف الأطفال بطرق قص مبتكرة في "الشارقة"

GMT 01:52 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

كلوب يكشف السبب الرئيسي لسقوط ليفربول أمام ساوثهامبتون

GMT 12:49 2020 الخميس ,01 تشرين الأول / أكتوبر

ميسي يوضِّح تعرّضه للأذى في برشلونة سبب خروجه عن صمته
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates