نحن ولعبة الإنجليزية

نحن.. ولعبة الإنجليزية

نحن.. ولعبة الإنجليزية

 صوت الإمارات -

نحن ولعبة الإنجليزية

ناصر الظاهري
بقلم - ناصر الظاهري

ع-
الإنجليزية كلغة فرضت نفسها علينا بحكم التواجد الإنجليزي في المنطقة، والوجود الهندي التابع للإمبراطورية البريطانية، والتعاملات التجارية المشتركة، والشركات العاملة، كان المواطنون يتلقون الكلمات الإنجليزية ويُعرّبونها للاستعمال اليومي المستجد، ويتحدثون الإنجليزية كلغة تواصل بسيطة، فكان المواطنون العاملون في حقول النفط وحفر الآبار، والمنخرطون في الجيش يعرفون الكثير من المصطلحات الإنجليزية، وبعضهم يتحدثها بحكم التعامل اليومي لا الدراسة، حتى جاء جيل الخمسينيات والستينيات، وهؤلاء كانوا يحبون التحدث بالإنجليزية، لكنهم لا يحبون دراستها وتعلم قواعدها، أما جيل السبعينيات فكانت حظوظهم أوفر حيث أتيح لهم تعلمها في نهاية المدارس الابتدائية، ودراستها صيفاً في المدارس والمعاهد اللندنية، والسكن عند عائلات إنجليزية، فأجادها معظمهم مع اللغة العربية، حيث كان ذلك الجيل يقدم العربية ويفكر بها ويؤخر الإنجليزية، والكثير منهم كانوا خريجي جامعات إنجليزية وأميركية فيما بعد، واستمر الحال مع جيل الثمانينيات حتى بداية التسعينيات، بعدها انقلبت الأمور، وزادت في المجتمع الثقافات الأجنبية، والجنسيات المتعددة نتيجة التطور العمراني والنهضة الشاملة، مما جعل هذه الفئات المتنوعة تُجمِع على أن تكون اللغة الإنجليزية هي لغة التفاهم الجمعي، خاصة في الإمارات دون المجتمعات الخليجية الأخرى، وبرزت حينها كأمر طبيعي المدارس الخاصة ذات المنهج البريطاني والإنجليزي والكندي والأسترالي والسنغافوري، فسادت الإنجليزية في مجتمعنا، وطغت على مدارسنا حتى وصلت الأمور إلى أن تبنى التعليم العالي اللغة الإنجليزية لغةً للتعليم الجامعي، حينها تسيدت الإنجليزية في سوق العمل، وما تتطلبه الحياة الجديدة في مجتمع «كوزموبوليتاني» حديث، فيما تراجعت العربية، وكادوا أن يحصروها في المساجد، بسبب الجهل، والزهو باللغة الأجنبية، والتفاخر الاجتماعي المزيف، وفرض كلمة السوق والتعاملات الاقتصادية، وهو ما كان يتمناه الجيل الذي شب على الإنجليزية من الروضة حتى الجامعة، خاصة في ظل وجود أياد عاملة منزلية، وعمالة غير متعلمة في السوق كانت تستسيغ الإنجليزية المكسرة، وتفضلها على تعلم العربية، فأجبر المواطنون أن يتحدثوا بلغة الشارع الإنجليزية المكسرة أو تكسير اللغة العربية ليفهمها الآخر الأجنبي، وفي كلا الحالتين هو إعلان عن تراجع العربية بتوقيع كل الأطراف، حتى وصل بنا الحال في الألفية الجديدة إلى أن الغالبية من بيوت المواطنين تسود فيها الإنجليزية، وتتقهقر العربية، حتى انفرط عقد الاتصال اللغوي بين الأجيال، فغدا النشء لا يفهم لغة الجدة ولا الجد، وحين تنكسر لغة الاتصال تنكسر معها أشياء كثيرة، فيقل التواصل، ويقل نقل الثقافة الشفاهية ومخزون الذاكرة، وما تحفظ الصدور، ويتضعضع الانتماء الوطني والقومي على مدار الوقت، فاللغة هوية وانتماء، وإذا ما ماتت اللغة العربية، هوت اللهجة المحلية، والعادات والتقاليد ومعاني القيم لأهل الدار إلى قاع ليس به قرار.
اليوم.. الكل يشكو، والجميع يحاول ردم هذه الهوّة بين الأجيال، وتبني العربية كلغة الاتصال والتواصل الاجتماعي والمعاملات الرسمية والتجارية، لعل وعسى أن نخرج من هذا النفق الذي حفرناه، وردمت منافذه ومخارجه.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نحن ولعبة الإنجليزية نحن ولعبة الإنجليزية



GMT 03:30 2024 الأحد ,22 أيلول / سبتمبر

القطب التيجاني... وحماية المستهلك الروحي!

GMT 03:11 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

تفّوق إسرائيل التقني منذ 1967

GMT 03:10 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

قد يرن «البيجر» ولا يُجيب

GMT 03:08 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

لبنان... الرأي قبل شجاعة الشجعان

GMT 01:24 2024 الأربعاء ,18 أيلول / سبتمبر

قصة الراوي

GMT 01:32 2018 الثلاثاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

طالبات مواطنات يبتكرن جهازًا للوقاية من الحريق

GMT 05:07 2019 الأحد ,28 إبريل / نيسان

الفيصلي يقف على أعتاب لقب الدوري الأردني

GMT 08:12 2018 الأحد ,16 كانون الأول / ديسمبر

اكتشفي أفكار مختلفة لتقديم اللحوم والبيض لطفلكِ الرضيع

GMT 04:05 2017 الثلاثاء ,25 إبريل / نيسان

فريق "العين" يتوّج بطلًا لخماسيات الصالات للصم

GMT 04:55 2020 الثلاثاء ,15 أيلول / سبتمبر

أحمد زاهر وإبنته ضيفا منى الشاذلي في «معكم» الجمعة

GMT 18:24 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مجوهرات "شوبارد"تمنح إطلالاتك لمسة من الفخامة

GMT 05:40 2019 الأحد ,20 كانون الثاني / يناير

هبوط اضطراري لطائرة متوجهة من موسكو إلى دبي

GMT 22:49 2018 الثلاثاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

منزل بريستون شرودر يجمع بين التّحف والحرف اليدوية العالمية

GMT 21:38 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

حامد وخالد بن زايد يحضران أفراح الشامسي والظاهري بالعين

GMT 04:11 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ظهور القرش الحوتى "بهلول" في مرسى علم

GMT 00:56 2018 السبت ,15 أيلول / سبتمبر

تعرف على فوائد وأضرار الغاز الطبيعي للسيارات

GMT 00:14 2015 الثلاثاء ,03 آذار/ مارس

صيحة الدانتال لمسة جديدة للأحذية في ربيع 2015
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates