بقلم - ناصر الظاهري
رحم الله الفنان محمود يس، كان من أحسن الفنانين خلقاً وأكثرهم طيبة وحياء ورزانة وثقافة، وثقلاً في التعامل مع الأشياء والناس، شكلّ في حياة جيلنا ذاكرة جميلة لأعمال فنية سواء في السينما أو التلفزيون، ولعل من أجمل أدواره التلفزيونية كان تجسيده لشخصية «جمال الدين الأفغاني» في مسلسل بنفس الاسم، أما أدواره السينمائية فهي كثيرة، ومتفردة، وما زالت باقية بقوة أدائه، ورخامة صوته، اللهم ارحم واغفر لابن بورسعيد الذي صاغ معاني في حياتنا، ما زلنا نذكرها بفرح، ونذكره بالخير.
- الذين يملكون ناصية اللغة العربية يفرحون دوماً بما تفاجئهم به من مدخراتها وذخائر جمالها، وإعجازها اللغوي، وجزالة ألفاظها، وكم هي غنية بمترادفاتها وأضدادها ومحاسنها، ويعجبون من الجيل الجديد كيف هم منصرفون عن هذه الهوية الضاربة في عمق التاريخ الإنساني، ويتعاملون معها كشيء ثانوي، وغير ضروري، ويمكن الاستغناء عنه، وأن بدائلها هي أجمل، فقط نحيل لجيل الجاحدين لها كلمتين متقاربتين في اللفظ، والموقع، مختلفتين في المعنى، والفارق بينهما تبادل حرفين، بالميم تعني شيئاً ظاهراً، وبالنون تعني شيئاً داخلاً، هاتان الكلمتان هما؛ المغاغة والنغاغة، ولن أفسرهما، ولتبحثوا عنهما في قواميس اللغة.
- «رنّ لي أفدى عيونك» تلك عبارة نتمناها لو جاءت من طرف كحيل العين أو مورد الخدين، لكن الزوجة تترجمها بلهجتها الآمرة: دقّ على تلفوني ما أدري وين حطيته.. عيالك هذيلا ما خلّوا في رأسي عقلاً»، فتغيب تلك الجملة الرومانسية التي كنت تحلم بها، وتبرز الجملة الواقعية التي تعيش حالها، الغريب أن تلفون الزوجة المصون، ما يضيع إلا وأنت في عز عملك المنزلي أو عن بُعد، وتظل هي تقلّب المخدات وتحت الكنبات، فينفد صبرها بسرعة، وتصرخ مستغيثة: وين حطيتوا تلفوني؟ وحين تدق عليها، تلقاه على طاولة المطبخ يَزِغّ أو في مخبأ كندورتها المعلقة يرتجف وحده.
- زيارة المستشفيات مثل زيارة الكراجات ما أحد يدخل لها بعطل، وما يخرج بعطلين، هذا إذا خرج، وفي زيارة لأحد مستشفيات بانكوك من باب الصدفة والمرافقة التي لا تحبها، تعجبت من تلك المحاذير المعلقة على جدران غرف المستشفى، وكأن المقصود بها أهلنا الذين يتقاطرون على تلك المستشفيات التي يثقون بها أكثر مما يثقون بمستشفياتنا العامرة، من تلك المحاذير التي تجدها على لوحات الإعلانات التحذيرية على جدران المستشفى؛ ممنوع اصطحاب كوَارّ الضو إلى غرفة المريض، المدخن بكل أنواعه ممنوع، لدينا مرضى يعانون من حساسية من المعمول ومن العود، تمنع تلك الأدوات الجارحة مثل الخنجر أو اليرذ، الجولة ممنوعة منعاً قاطعاً، ذبايح عقب الظهر، وصواني عيوش ستتعرض للمصادرة فورياً، «البايب» الصغير الذي تسمونه «مدواخ» هذا ممنوع يدخل من باب المستشفى الخارجي.