بقلم - ناصر الظاهري
صباح الكويت اليوم خال من «صباح» ذلك الوجه البشوش الذي كان يستبشر به الكويتيون والعرب، وواحد من أقدم الدبلوماسيين على مستوى العالم، كان الجميع يثق بحكمته، وحنكته السياسية، لا سيما وقد قضى حوالي 40 عاماً وزيراً للخارجية، كان العالم خلالها يضج بالكثير من المشكلات السياسية، والأزمات، وبؤر التوتر، وقد مرت الكويت والمنطقة بقلاقل وزلازل حروب مدمرة، قاد خلالها سياسة الكويت خارجياً، وقد كانت الكويت حينها بحاجة لذلك الدعم الدولي الخارجي، وهنا بدأت رحلاته المكوكية إلى الجهات الأربع من أجل مناصرة الحق الكويتي، واستعادة الشرعية، واستتباب الأمن والاستقرار فيها، كذلك عرفته العواصم العربية في عز أزماتها وتوتراتها خلال سنوات عمله الدبلوماسية، كان عروبياً حتى الصميم، وعميد الساسة العرب، ارتبط بكل أطراف النزاع بتلك العلاقة الحريرية الناعمة، فكان دوره خليجياً وعربياً ودولياً فاعلاً ومؤثراً وناجحاً في معظم الأمور، لذا انتقل بمكانته المحلية من الكويت والخليج والعرب ليصبح تلك الشخصية العالمية والإنسانية.
العزاء للكويت وطناً وشعباً، ولكل أسرته الخليجية التي تكنّ له دوام التقدير والاحترام في غياب أمير الكويت «صباح الأحمد الصباح» كقائد وزعيم عربي من الجيل الرائد والمؤسس للعمل الوطني والقومي، آملين للكويت المحكمة دستورياً كل الخير والرفاه، وانتقال سلس للحكم، فالكويت الآن أشد ما تكون متلاحمة ومتعاضدة ضد أي توجه خارجي أو أجندات أجنبية لا تريد لها العافية والشفاء مما فيها من القضايا الشائكة اقتصادياً وسياسياً، وما مر بها من مشكلات على المستوى الاجتماعي احتاجت لحزم وشدة، وعزيمة وطنية من الأمير الراحل الذي وقف ضد كل أوجه الفساد المالي والسياسي، محملاً ولي عهده تلك الوصية والأمانة، لأنه يثق بحكمته ودرايته بالأمور الداخلية، ونزاهته العالية.
«صباح الأحمد الصباح» شخصية إنسانية، راقٍ في تعامله مع الجميع، متواضع مع الجميع الكبير والصغير، كان حبيباً لكل الإعلاميين، والكثير منهم كان يعرفهم بالاسم، ويتبادل معهم النكات «السياسية»، دائم الابتسامة، وهي تسبقه لقلوب الآخرين، وهي آخر ما يودّع به المستقبلين والمحتفين، بعض الوجوه الخيّرة، بكل ظلالها الباردة، وما ينثرونه حولهم من دفء وطمأنينة، وخير وفير، تتمنى لو أنك لم تفجع بنبأ رحيلها، ولا ترى دموع وداعها.. لأمير الإنسانية شآبيب الرحمة، وعظيم الدعاء، وخير الجزاء لكل أفعاله، وبياض يديه، وطهارة روحه السامية.