بقلم - ناصر الظاهري
اللهم أفرح المؤمنين بفتح أبواب المساجد، وبارك لهم في جمعتهم جماعة، بعد طول الانقطاع والتباعد، بسبب جائحة كورونا التي أجبرتهم على الصلاة عن بُعد، والصلاة بالنسبة، وتكميم أفواه المصلين، والصلاة على «التلغ» منعاً للعدوى، لكنها بصراحة صلاة المتعاجز، على تلك السجادة «البلاستيك» التي لا يأتي معها الخشوع، ولا صفاء السجود، ولا طمأنينة الركوع، وتظل محتاساً معها، تعشي عينيك وهي تتصالق أمام ناظريك، ومرات تتزحلق من تحت قدميك، ومرات تذكرك وأنت جالس، وهي مفروشة قدامك بقدوم صواني الغداء، فاللهم اجعلها آخر عهدنا، وزوال هَمّنا، وأول فرحتنا بدخولنا عتبة بيوتك الطاهرة.
* مرات أسئلة الأطفال مع نضوجهم العمري، وتفتح مداركهم بالمعارف، وتنوعها، تغدو سهلة، ممتنعة، وتثبّت الأكتاف قانونياً، بعيداً عن أسئلتهم الافتراضية، كيف جئت؟ ومن أين؟ وإذا الله يحبنا، لماذا يموّتنا؟ هناك أسئلة كاشفة الغطاء، وكأنها أتت من جراب ناسك، ارتضى بالصوم والصلاة والتفكر والوحدة، مثل الذي فاجأتني به تلك الصغيرة الشقية، ذلك السؤال الفلسفي الذي لا تدري عنه شيئاً، وربما أدركته ببراءة، وعمق الطفولة، لأنه لا ممنوعات تحد لسانها، أو سقف يلجم تفكيرها، لماذا الناس يكذبون، ويعرفون أنهم يكذبون، ولا يستحون؟! فأسقط في يدي، ودهشت، وكان لا بد من قبلة من القلب، أفرّغ فيها عاطفتي، وفرحي الداخلي، وألتقط أنفاسي، وأحاول أن أخرج بحديث مقتضب، كأنه الحكمة، وأغلفه كحبة سكاكر، وأقدمه على طبق من فضة، لكن الحقيقة أن الجواب كبير، ويستعصي على الكثيرين شرحه أو إيجاد المبرر له أو حتى فهمه، بقيت متأملاً في متعة السؤال، واستعصاء حضور الجواب، وهذه وحدها مدعاة لذلك التأمل اللذيذ الذي تستشعر فيه عذوبة المعرفة، ومعنى النور، فقط كنت أريد أن أفكر، دون أن أتكلم في الموضوع، وكأنه مفهوم، ومشبع في داخلي، لكنه ثقيل، وعصيّ على لساني، وهذا شأن تلك الأسئلة التي تخص الإنسان، والديمومة، وأسئلة الكون، والماورائيات.
* يجمع الكثير أن سنة 2020 هي سنة صعبة بكل المقاييس، وبعضهم يعدها من السنوات الكبيسة أو هي أشبه بسنوات الجمر والرماد، وهي لا تعد في حساب الأعمار، ونادراً ما وجدت أحداً لا يشكو منها، وكأنها كانت سنة سارقة للفرح، وجالبة سوء الحظ، وقلة البركة، وأن خيرها قليل، نبدو نحن من نركب متاعبنا على الدهر وعلى أيامه أو هي من تصنع تعبنا، وتتبنى أحزاننا!