تذكرة وحقيبة سفر 2

تذكرة.. وحقيبة سفر -2-

تذكرة.. وحقيبة سفر -2-

 صوت الإمارات -

تذكرة وحقيبة سفر 2

ناصر الظاهري
بقلم - ناصر الظاهري

بعد كثير من الأسفار والمشاهدات، والالتقاء بالكثير من الناس والشخصيات، أصبح من «يفك الصوع من الرأس» قليل على حد قول صديق عزيز، ذلك الشاب الإنجليزي في مهرجان برلين السينمائي كان واحداً من هؤلاء القليلين، كان بسعة ثقافته، واطلاعه ومعرفته قادراً أن يدلك على دهاليز في النص، وفي المشهد، وجمالية الصور، خاصة المشهد السينمائي ذا الحضور الطاغي، بحيث يحتويك، لا تحتويه، وأنه يمكن أن يدخل من خلال جسد الإنسان إلى روحه، حينها يمكن أن تشعر بالبرد أو الحر، يمكن أن تسمع كل الأصوات من حولك، يمكن أن يخنقك مشهد الغبار أو تشعر فجأة بوجع أسفل البطن، لأن شخصاً سقط من عل أو زلّت به قدمه، وهوى في لقطة سينمائية صادقة، يمكن لعينك أن تقرأ كل الفضاءات المحيطة بك، يمكن للأنف أن يشعر بالروائح من خلال الصور والمشاهد، ويمكن أن يذكرّك بمتعة روائح ساكنة في الذاكرة، والألوان تحضر بعطورها، ويمكن أن تسافر بك بعيداً أو تدخلك في عوالم ساحرة وغامضة أو تشاركك بأحد أسرارها الصوفية، وكلما كان المشهد صادقاً، كلما قرأته حواسنا، فليس كل أوراق الشجر المتساقطة والصفراء قادرة أن تعبّر عن الخريف، وليس المطر وحده من يخبرنا بقدوم الشتاء، ثمة أشياء في الداخل يناديها ما تشاهده العين، فيحرِّك النفس باتجاهها، وتصبح قريبة منها أو هي تستدعي خبرات الحياة وتجاربها، وتؤثث لها خلفية تعرفها النفس، فتسقطها على الأشياء المرئية والمسموعة أو تلك الأشياء المندسة بينهما.
هذا الشعور ليس عند كل إنسان، ثمة تباين واختلاف، لكن الإنسان المرهف الحس والقادر على التواصل مع الأشياء المحيطة به، والقادر على قراءة الأمكنة، والشعور برائحة التاريخ، هو القادر على الإحساس بالموجودات، وهو باختصار أيضاً ذلك الإنسان الذي لا يعني له الحرف صوتاً لغوياً، وإنما بُعداً فلسفياً، وعمقاً روحياً، حرفا الهاء والواو، قد يسلكان به دروب العارفين، ومسالك الصالحين، وقد يعني له الباب والنافذة ومقعد في حديقة عامة شيئاً غير المرئي، شيئاً ملموساً بالروح، ربما وحدة، ربما أوجاع خريف العمر، ربما انتظار تمشي عقارب وقته ببطء، وكلما قرأ هذا الإنسان كلما كان قادراً على مسك الأشياء بيده، والإحساس بالموجودات حوله، وتأمل الفراغات بين الأشياء.
لا أدري لِمَ ذكرني ذلك الشاب الإنجليزي بعجوز سيرلانكي التقيته مرة أيضاً في ألمانيا في مدينة «فرانكفورت» في رحلة نهرية، ولدي قناعة، لا تحكم أبداً على الشعوب الهندية بالذات، من خلال الشكل أو الملبس، ولا ذلك اللون المائل لآدمة الأرض الداكنة، كطمي طيني تكوّن عبر التاريخ الطويل، ولا من خلال تلك الأسئلة السياحية الساذجة، مثل هل بعيدة محطة القطار من هنا؟ أو أين أجد مطعماً هندياً نباتياً؟ فعادة حين يستطيعون الوصول إلى المدن البعيدة، يكونون قد حرثوا البحر، وقرأوا فلسفات حضارتهم، وقارنوها بالفلسفات الأخرى، قد يكون الواحد منهم متنسكاً لسنوات بحثاً عن أسئلة «بوذا» الكونية، قد يكون وجد طريقاً مختصراً للإيمان أو دلّته روحه على طاقة النور أو مبعث الطمأنينة، ذاك السيرلانكي تفصلني عن لقائه سنوات عشر وتزيد، ولكنه باقٍ بوعيه وثقافته وإطلاعه في الرأس، وأحياناً يقرع هو وأمثاله بوابات الذاكرة التي أتمنى أن لا تشيخ أبداً.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تذكرة وحقيبة سفر 2 تذكرة وحقيبة سفر 2



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة - صوت الإمارات
تلهم النجمة المصرية تارا عماد متابعاتها العاشقات للموضة بإطلالاتها اليومية الأنيقة التي تعكس ذوقها الراقي في عالم الأزياء، بأسلوب هادئ ومميز، وتحرص تارا على مشاركة متابعيها إطلالاتها اليومية، وأيضا أزياء السهرات التي تعتمدها للتألق في فعاليات الفن والموضة، والتي تناسب طويلات القامة، وهذه لمحات من أناقة النجمة المصرية بأزياء راقية من أشهر الماركات العالمية، والتي تلهمك لإطلالاتك الصباحية والمسائية. تارا عماد بإطلالة حريرية رقيقة كانت النجمة المصرية تارا عماد حاضرة يوم أمس في عرض مجموعة ربيع وصيف 2025 للعبايات لعلامة برونيلو كوتشينيلي، والتي قدمتها الدار في صحراء دبي، وتألقت تارا في تلك الأجواء الصحراوية الساحرة بإطلالة متناغمة برقتها، ولونها النيود المحاكي للكثبان الرملية، وتميز الفستان بتصميم طويل من القماش الحرير...المزيد

GMT 19:18 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة
 صوت الإمارات - فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة

GMT 19:21 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد
 صوت الإمارات - أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد

GMT 05:35 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الذكاء الاصطناعي يساهم في انبعاثات ضارة تؤثر سلباً على البيئة
 صوت الإمارات - الذكاء الاصطناعي يساهم في انبعاثات ضارة تؤثر سلباً على البيئة

GMT 08:38 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

يبدأ الشهر مع تلقيك خبراً جيداً يفرحك كثيراً

GMT 05:21 2015 الأربعاء ,11 شباط / فبراير

افتتاح معرض "ألوان السعودية" المتنقل في جدة

GMT 07:14 2015 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

الرميحي يزور جناح دولة قطر في معرض "اكسبو 2015"

GMT 20:48 2013 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

برنامج جديد فى إذاعة الشرق الأوسط عن التعديلات الدستورية

GMT 13:26 2015 الخميس ,22 تشرين الأول / أكتوبر

مقهى ثقافي ومسابقة تصوير في معرض كتاب شرطة دبي

GMT 11:40 2015 الخميس ,29 تشرين الأول / أكتوبر

"أبوظبي للسياحة" تنظم معرض "ميادين الفنون"

GMT 07:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

جبل بوزداغ من أروع المناطق السياحية للتزلج

GMT 05:28 2016 السبت ,27 شباط / فبراير

HTC تنشر أول صورة تشويقية لهاتفها المرتقب One M10

GMT 11:02 2013 الجمعة ,28 حزيران / يونيو

بحث تطوير مشروع جامعة عمان مع كامبريدج

GMT 03:34 2015 الإثنين ,21 كانون الأول / ديسمبر

معرض جدة الدولي للكتاب يستقطب أكثر من 600 ألف زائر

GMT 08:27 2015 الأحد ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ميثاء الخياط تعرّف الأطفال بطرق قص مبتكرة في "الشارقة"

GMT 01:52 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

كلوب يكشف السبب الرئيسي لسقوط ليفربول أمام ساوثهامبتون

GMT 12:49 2020 الخميس ,01 تشرين الأول / أكتوبر

ميسي يوضِّح تعرّضه للأذى في برشلونة سبب خروجه عن صمته
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates