تذكرة وحقيبة سفر 2

تذكرة.. وحقيبة سفر -2-

تذكرة.. وحقيبة سفر -2-

 صوت الإمارات -

تذكرة وحقيبة سفر 2

ناصر الظاهري
بقلم : ناصر الظاهري

من الأشياء التي ترهق السفر أن تصطحب شخصاً مملاً، وكأنه صبي صغير، لازم تراعيه وتداريه، ولا تتوقف طلباته، واشتراطاته، بحيث يصبح هو محور السفرة، والباقون يدورن حول نزعاته ورغباته، وتكون أنت قد دخلت في سن الحكمة وتساوي الأمور، وما لك «بارض» في تربية الصغار، كذلك لا يصلح السفر للبخيل ومعه، يشعرك دوماً أنك في عسر هضم، والذي تأتي به بمائة، هو قادر أن يجلبه بنصف القيمة، وتظل طوال الرحلة عائشاً على الأساسيات، وما يسد الرمق، ليس أجمل من السفر مع الإنسان الخفيف، «وين هَبّت له ذرت»، يمكن أن تتسكع معه في المدينة القديمة، ويمكن أن تتشاطر معه شطيرة على الرصيف من مطعم شعبي، لا يضره أن يركب حافلة عامة أو ينزل معك «المترو»، يشعرك طوال الرحلة أن لا مشكلة عنده مطلقاً، وما يفرح الآخر يفرحه، والشيء الذي لم تظفروا به اليوم، هناك متسع من الوقت غداً، ما يميز هذا الإنسان الخفيف عن الشخص «الونِيّ» الجاهزية، وشعار الكشافة «كن مستعداً دائماً»، «الونِيّ» يعتقد أن الوقت مطاط، فصباحه مثل صباح السلاطين، يمكن أن يذهب للفطور قبل رفع الصحون بعشر دقائق، فيعطل المطعم، ويعطلك، ويصر أن يطلب «بيض عيون» وشاياً بالياسمين، فيربي عند العاملين حنقاً على هذا المتطلب في الوقت الضائع، وعند أصدقاء سفره ضجراً، وكثيراً ما يحرجك في التوسل لسائق الحافلة السياحية، والمرشد السياحي والسياح أن ينتظروا قليلاً حتى يفرغ مثانته على مهل، وبلا عجل، الإنسان الخفيف «هاب ريح» دائماً ما يكون جاهزاً على الوقت، تزعجه الدقائق الخمس قبل الموعد، ولا يحب أن يتأخر خمس دقائق بعده، ومن الناس الذين يربكونك في السفر الشخص غير الصبور، والذي «فتنته في طرف خشمه»، دائماً ما ينظر للأمور بمنظار أن الحق على الآخرين، «ليش تأخر الدريول اليوم»؟ «ترى أخرنا وآخر غداءنا هذا المطعم»، «لا تحيّرونا نريد نطلع الصبح من الفندق»، وهكذا يظل يحاسب الناس على تأخيرهم الافتراضي، وهو في الحقيقة الذي ساعته «مقدمة شوَيّ»، وعلى طاري التأخير وقلة الصبر، والشراهة في الأكل، كانت مرة تصطحبنا مترجمة ومرشدة سياحة زرنا معها عدة مدن في كازاخستان وأوزبكستان، وبالرغم أنّها لطيفة ومطلعة وجميلة ومتعاونة وتتحدث لغات، إلا أن لديها مشكلة لم نعرفها في البداية، فجأة تحمرّ، وتنتفخ، وتتحرطم، بعدها تتحول للعدوانية، حتى اكتشفنا أنها بسبب نقص منسوب الأكل في معدتها، فهي إن فرطت ساعة الغداء، تتحول إلى لبوة، وكأن أحداً عض واحداً من أولادها، لا تهدأ ولا تعود لبسمتها وحيويتها إلا إذا وسَدّت أضلعها بكم صحن، فاقترحت على جماعتنا أن نحمل معنا «تصبيرة»، ونحرص على وجبتها الغذائية مثل حرصنا على أعمارنا، وظلت النساء يتذخرن بعلبة «باسكوت» خريطة «برميت»، لكنها لم تقرب تلك الأشياء، فلا شيء يضحك سنها، ويفرح معدتها مثل رؤية ثلاثة صحون قدامها، طوال تلك الرحلة كنا ندعو لرجلها بالصبر والثبات وجزاء المجاهدين.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تذكرة وحقيبة سفر 2 تذكرة وحقيبة سفر 2



GMT 03:30 2024 الأحد ,22 أيلول / سبتمبر

القطب التيجاني... وحماية المستهلك الروحي!

GMT 03:11 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

تفّوق إسرائيل التقني منذ 1967

GMT 03:10 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

قد يرن «البيجر» ولا يُجيب

GMT 03:08 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

لبنان... الرأي قبل شجاعة الشجعان

GMT 01:24 2024 الأربعاء ,18 أيلول / سبتمبر

قصة الراوي

GMT 17:50 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر

GMT 20:33 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

تتخلص هذا اليوم من بعض القلق

GMT 11:57 2020 الإثنين ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج السرطان الأثنين 30 تشرين الثاني / نوفمبر2020

GMT 01:57 2019 الجمعة ,25 كانون الثاني / يناير

انشغالات متنوعة التي ستثمر لاحقًا دعمًا وانفراجًا

GMT 01:57 2015 السبت ,03 كانون الثاني / يناير

الفنانة مي كساب تصوّر مسلسل "مفروسة أوي"

GMT 01:19 2014 الثلاثاء ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

استعد لتسجيل أغاني قديمة وحديثة لألبومي الجديد

GMT 11:27 2016 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

جرأة وروعة الألوان في تصميم وحدات سكنية عصرية

GMT 22:04 2016 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

جزيرة مالطا درة متلألئة في البحر المتوسط

GMT 21:59 2013 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

نشطاء على الفيس بوك يقيمون يومًا ترفيهيًا للأطفال الأيتام

GMT 09:20 2016 الأحد ,03 إبريل / نيسان

متفرقات الأحد

GMT 18:47 2013 الخميس ,24 تشرين الأول / أكتوبر

الصين تعرض تصدير 3200 ميغاواط من الكهرباء لباكستان

GMT 04:37 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة حديثة ترصد أهم خمسة أشياء تؤلم الرجل في علاقته مع شريكته

GMT 21:22 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

مستقبل زيدان "في مهب الريح" للمرة الأولى

GMT 18:49 2020 الثلاثاء ,16 حزيران / يونيو

28 موديلا مختلفا لقصات الجيبات

GMT 04:49 2020 السبت ,18 إبريل / نيسان

تسريحات رفع ناعمة للشعر الطويل للعروس

GMT 03:10 2019 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

مي عمر تنضم لمسلسل محمد رمضان "البرنس" رمضان المقبل

GMT 02:53 2019 الأحد ,08 أيلول / سبتمبر

إطلاق مجموعة "لاكي موف"من دار "ميسيكا" باريس
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates