تذكرة وحقيبة سفر 1

تذكرة.. وحقيبة سفر -1

تذكرة.. وحقيبة سفر -1

 صوت الإمارات -

تذكرة وحقيبة سفر 1

ناصر الظاهري
بقلم : ناصر الظاهري

صيف عام 1978، كان صيفاً متميزاً، حيث كانت أول رحلة لي للمغرب البعيد الذي كان يأتي سراعاً في كتب التاريخ، لا مشاهد ولا صور حيّة تذكر، كانت الأذن تعشق قبل العين أحياناً، في ذاك الصيف من أواخر السبعينيات، وأتمنى أن لا تتسع عيون بعضكم حسداً وغبطة وغِيرة، ولكي أقطع على بعضكم جملته التي ترمي بشرر، أقول إنها كانت رحلة مدرسية للمتفوقين دراسياً، ويومها كنت في بداية التعليم الثانوي، ومن فريق «اعرف وطنك أيها العربي»، كانت الأمور عندي يومها لا تحتمل إلا الجد والمعرفة، والقبض على الوقت وساعاته، اليوم بقدر ما نفعتني مسألة «جد في جد»، أتأسف على ضياع فرص الهزل الكثيرة التي لا تتكرر، وإن تكررت تجد نفسك أنك تغيرت أو تعثرت أو كبرت، فإما هي جاءت متأخرة أو أنت سبقتها في الهروب إلى الأمام.
في تلك الرحلة، كنت مشدوهاً ومندهشاً بكل شيء في تلك البقعة البعيدة، والتي اضطررنا إلى تبديل ثلاث طائرات في ثلاثة مطارات، من أبوظبي، عمّان، باريس، رأينا الشمس تشرق وتغيب في أكثر من مكان، ووصلنا بعد يومين لوجهتنا مطار «النواصر» في الدار البيضاء، كان شعوري الأول أنني غير بعيد عن الأندلس، التي قرأت عنها وتشبعت بتفاصيلها، واليوم أعثر على آخر البقايا منها في الزنقة والسويقة والنهج، في الطرب والملحون والموشح، في الملبس والتقليد، في المأكل والمشرب، في سحن الوجوه التي ودعت زمنها في العدوة الأخرى، واستقرت بـ«برنسها» هنا بعد تسليم مفاتيح غرناطة، وجدتها في الخط العربي الأندلسي أو المغاربي الجميل والمميز، في النقوش على الحجر أو الخشب أو الزليج، في تفاصيل كثيرة هاربة، عليك أن تقبض عليها بشغف، لتقول آه المستريح، وتستريح. 
غالبتني اللهجة المغربية في بدايتها، وبدأت أسجل كلماتها، ومعنى مصطلحاتها، وغريب حديثها، فالمقارن لعبة جميلة تقرّبك من الأشياء بحب، لكن ما إن تعرف دفء اللهجة، وتنصت لجملتها المتسارعة والمفخمة، ولا تفوتك الكلمات الأولى، حينها يمكنك أن تقبض عليها بيسر، وتستشعر كم روحها قريبة من لهجتك القديمة، أما تلك الصواني المتعاقبة والمتنوعة، ويومها كان الصحن لا يمكث إلا دقائق معدودة عند جيل مخضرم بين فترة المحل، وفترة الغنى، ويعرف قيمة الأشياء، كان لطعام وأطباق أهل المغرب معنى العافية «العافية ديالنا، مش ديالهم»، لذا تخليت مبكراً، ومن حينها عن الأكل سريعاً، وواقفاً، وعرفت معنى للطواحن في مضغ الطواجن، وفضل الهضم على النهم، وأهمية الوجبات الثلاث في الحياة، وعرفت أن الخوان لكي يكتمل فلا بد من سبعة طباق مترادفات، كل سفرة بأكلها، لذا بقي المطبخ المغربي من أفضل المطابخ التي يحنّ لها المرء بشغف بين الحين والآخر، وكأنه يتوحم.. وغداً نكمل.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تذكرة وحقيبة سفر 1 تذكرة وحقيبة سفر 1



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 02:43 2025 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

الصحف العالمية تتناول تحديات وآمال رئاسة جوزيف عون في لبنان
 صوت الإمارات - الصحف العالمية تتناول تحديات وآمال رئاسة جوزيف عون في لبنان

GMT 02:40 2025 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

أخطاء شائعة تؤثر على دقة قياس ضغط الدم في المنزل
 صوت الإمارات - أخطاء شائعة تؤثر على دقة قياس ضغط الدم في المنزل

GMT 02:29 2025 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

بلينكن يعرب عن أمله في التوصل لاتفاق بشأن غزة قبل تنصيب ترامب
 صوت الإمارات - بلينكن يعرب عن أمله في التوصل لاتفاق بشأن غزة قبل تنصيب ترامب

GMT 02:45 2025 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

إلغاء ميتا التثبت من الحقائق سيكون له ضرر في العالم الحقيقي
 صوت الإمارات - إلغاء ميتا التثبت من الحقائق سيكون له ضرر في العالم الحقيقي

GMT 14:28 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالعزلة وتحتاج الى من يرفع من معنوياتك

GMT 15:08 2017 الجمعة ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

استعراض واقع القطاعات الخدمية والمشاريع التنموية في طرطوس

GMT 02:16 2020 الخميس ,10 كانون الأول / ديسمبر

تعرفي على أنواع الشنط وأسمائها

GMT 17:31 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وفاة نجمة البوب الكورية سولي عن عمر ناهز 25 عامًا

GMT 00:04 2019 الخميس ,28 آذار/ مارس

صورة "سيلفي" تحول جسد فتاة إلى أشلاء

GMT 23:37 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

فيصل خليل يؤكد أن الجمهور ينتظر بشدة منافسات كأس آسيا

GMT 21:06 2013 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

علماء يختبرون مواد كيميائية تعمل على محو الذكريات

GMT 13:23 2013 الثلاثاء ,01 كانون الثاني / يناير

رواج في حركة بيع العقارات بالعبور

GMT 17:54 2020 الخميس ,16 كانون الثاني / يناير

عواصف رعدية تجتاح ساحل أستراليا الشرقي

GMT 02:59 2019 الخميس ,22 آب / أغسطس

حسين الجسمي يطرح أغنية "دنيا" عبر يوتيوب
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates