تذكرة وحقيبة سفر1

تذكرة وحقيبة سفر-1-

تذكرة وحقيبة سفر-1-

 صوت الإمارات -

تذكرة وحقيبة سفر1

ناصر الظاهري
بقلم - ناصر الظاهري

ترافقت مع صديق جميل في سفرة إلى الصين وماليزيا وتايلاند وإندونيسيا وفيتنام وسنغافورة، وكان يمكن أن تمتد إلى كمبوديا وبروناي، لكن «قِصَرنا من الخريدة»، وآثرنا الرجوع مع آخر نقد في الجيب، لأن صديقي لا يؤمن بالبطاقات الائتمانية، ودائماً جيبه عامر وممزور، وفلسفته واضحة: حين تذهب إلى أوروبا أو أميركا استعمل هذه «الكروت اللي تتخقق بها، إلا إكسبرس، وإلا بلاتينيوم، وإلا كولد إيليت»، حتى لو زرت قرية في جبال الألب أو «كانتين جنود المارينز» في الباما فلن تغلب، ولن ترى سوء الظن من الجانب الآخر الذي تتعامل معه، أما بلدانك هذه، فلا شيء يمشيك مثل النوط، يشعرونك أنهم فاتحين دكاكين طارئة، ولا شيء دائم، ولا يتعاملون مع البنوك إلا للتسهيلات المصرفية، هذه البلدان مثل أن تقصد مطعماً شعبياً في زقاق ضيق، وكأنه مفتوح على الرصيف، ووجبته المشبعة كلها بما يساوي عشرين درهماً، وحين تشبع وتهم بالمغادرة تجد الحاج جالس على عتبة دكانه، و«فلوسه في ثبانه»، وأنت تريد أن تمد له «كرتاً بلاستيكياً» بعد ذلك الشبع الذي لاحظه الحاج، وكان ممتناً بذلك، صديقي ما تمشي مثل هذه الأمور، فلكل مقام مقال، وكاد يقنعني، خاصة حين ينظر لي من خلف نظارته الطبية، بعد أي معاملة تجارية، وبعد ما تبين سِنّة التاجر الإندونيسي الخلفية فرحاً بملامسة النوط، فعلاً بعض الناس يشعرك بذاك الغرام المتبادل والحالم حين تفرك أصابعه ورقة النقد، ويكاد يشهق إن كانت جديدة، وفيها رائحة المصرف المركزي المركزة، وكم تجلب له العبوس ورقة النقد المتغضنة التي تكاد أن تتهتك من رطوبة تعرق اليدين، هناك مكانان لا تحب النساء خاصة الدفع فيهما بورقة كبيرة تجنباً لأن يرجعوا لهن الباقي أوراقاً ذابلة، وفيها دبق المحل الذي يشتغلون فيه، هما محل الجزارة ومحطة البترول.

بالرغم من متعة السفر مع هذا الصديق إلا أن له ذلك الخيال القاتل، وهو أكثره توهماً، وأكثره مع الحوار المتبادل بين الإنسان ونفسه، كأن يخاف أن يسقط في مكان سحيق أو يخاف أن يسقط عليه شيء من عل، يعيش التلفت والحذر والحيطة والتوثب، تلك المخيلة التي تسيّر يومه، ويستمتع بالقيام بها، فهي سلوته، لكنها مصدر قلق للذي يمشي معه، دائماً يخشى الموتة المجانية التي لا تخطر على بال، فإذا ما استظل بفيء شجرة، وسمع فجأة أغصانها تحركها الريح أو جذعها يئن من السنين، قال: تصور وأنت جالس مستمتع بالهواء العليل، ينخرط غصن حطب يابس منها، ويهوي على أم رأسك، وإذا ما مرت شاحنة بقرب سيارته، تذكر أنه يمكن أن يكون سائق تلك الشاحنة أرعن أو عاملاً متعباً، ولا يتلقى أكلاً مغذياً، ولا يحظى بنوم كاف، فينفلت من يد المسكين زمام السواقة في لحظة غفوة، وتعترض الشاحنة طريقك، فإذا هي تتمايل عليك بما شحنت، وتكبس سيارتك بما حملت، فإذا أنت والعصيدة سواء..وغـــداً نكمل.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تذكرة وحقيبة سفر1 تذكرة وحقيبة سفر1



GMT 03:30 2024 الأحد ,22 أيلول / سبتمبر

القطب التيجاني... وحماية المستهلك الروحي!

GMT 03:11 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

تفّوق إسرائيل التقني منذ 1967

GMT 03:10 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

قد يرن «البيجر» ولا يُجيب

GMT 03:08 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

لبنان... الرأي قبل شجاعة الشجعان

GMT 01:24 2024 الأربعاء ,18 أيلول / سبتمبر

قصة الراوي

GMT 01:32 2018 الثلاثاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

طالبات مواطنات يبتكرن جهازًا للوقاية من الحريق

GMT 05:07 2019 الأحد ,28 إبريل / نيسان

الفيصلي يقف على أعتاب لقب الدوري الأردني

GMT 08:12 2018 الأحد ,16 كانون الأول / ديسمبر

اكتشفي أفكار مختلفة لتقديم اللحوم والبيض لطفلكِ الرضيع

GMT 04:05 2017 الثلاثاء ,25 إبريل / نيسان

فريق "العين" يتوّج بطلًا لخماسيات الصالات للصم

GMT 04:55 2020 الثلاثاء ,15 أيلول / سبتمبر

أحمد زاهر وإبنته ضيفا منى الشاذلي في «معكم» الجمعة

GMT 18:24 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مجوهرات "شوبارد"تمنح إطلالاتك لمسة من الفخامة

GMT 05:40 2019 الأحد ,20 كانون الثاني / يناير

هبوط اضطراري لطائرة متوجهة من موسكو إلى دبي

GMT 22:49 2018 الثلاثاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

منزل بريستون شرودر يجمع بين التّحف والحرف اليدوية العالمية

GMT 21:38 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

حامد وخالد بن زايد يحضران أفراح الشامسي والظاهري بالعين

GMT 04:11 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ظهور القرش الحوتى "بهلول" في مرسى علم

GMT 00:56 2018 السبت ,15 أيلول / سبتمبر

تعرف على فوائد وأضرار الغاز الطبيعي للسيارات

GMT 00:14 2015 الثلاثاء ,03 آذار/ مارس

صيحة الدانتال لمسة جديدة للأحذية في ربيع 2015
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates