شجاعة صفيّة

شجاعة صفيّة

شجاعة صفيّة

 صوت الإمارات -

شجاعة صفيّة

صوت الامارات

لأن الحياة تعلم الإنسان كل يوم شيئاً جديداً، وتكشف له معادن الناس، وتخبره ما يعني النبل والشجاعة والإيثار حينما تحظى به بعض النفوس دون غيرها، فيرتفعون بمنزلتهم بين الخلق، فلا تدري أين يمكن أن تضعهم؟ فوق الرأس، أم تحوطهم بهدب العين، وبعضهم تحتار أين يكون محله، فلا تجد له موقعاً حتى موضع القدم قليل عليه، كما تعلمنا الحياة أن الإنسان يقاس بأخلاقه وأفعاله، وليس بكلامه، وأن الإنسان مهما صغرت مهنته، وقل شأنه عند الآخرين، قادر أن يعلمهم درساً جميلاً في الحياة، لقد أكبرت ما فعلته تلك المرأة البنغالية «صفيّة»، لأنها أثبتت أنها اسم على مسمى، وأنها بفعلها أكبر من مهنتها، فهي ليست «خادمة أو شغالة»، بل هي أخت لربة البيت، وخالة للأطفال الذين تعتني بهم، ومثال جميل لبقية الخدم الذين لا نعرف منهم إلا قضايا الإجرام والسرقة والقتل والهروب، وكل الصفات السلبية التي تحيط بهم، ويظهرون جانبها، ولا ينظر الكثير منا لصفاتهم الحميدة، وتفانيهم في عملهم وإخلاصهم لنا، وأنهم يتحملون الكثير من أجل الحاجة والضرورة، غير أن صفيّة بشجاعتها التي أنقذت أرواح أربعة أطفال من الموت غرقاً، وقدمت نفسها كشهيدة للواجب والعمل، وشهيدة الغرق في البحر، من أجل أن تحيا أربع أرواح صغيرة، لا شك أنها ستبكي صفيّة، وستبقى صورتها ماكثة في رؤوسهم، وفعلها ماثلاً في نفوسهم، هي مثال يقتدى، ومعنى تعلمنا إياه الحياة، فهناك أناس يفرضون عليك بكاءهم، وتمجيد فعلهم، ولا تعرف ما تصنع لرد بعض الجميل لهم، وكبير الإحسان إليهم، لكنهم يذهبون، تاركين كل شيء يتصدع، وكلمات الشكر تجرح الحناجر.

صفيّة ذات الثلاثين عاماً، قضت منها أربع سنوات مع «عائلتها» هنا، ولا أقول مع كفيلها، لأنها أكبر من ذلك، وأثبتت أنها أرفع من ذلك، لقد بقيت تعمل بإخلاص للعائلة في حياتها، وحتى مماتها، وكانت في الوقت ذاته، تجهز لعرس ابنتها التي كانت ستفرح بها هذا الصيف في بلادها، لكن القدر اختارها قبل أن تشهد ما كان يفرح الأم أكثر في الحياة، نحو فرح أكبر لعائلة كانت ستفجع بأربعة من فلذات كبدها، لو لم تقدم صفيّة على إنقاذهم من وسط موج البحر حتى بر الأمان، لكن لأن البحر غدّار، سحب صفيّة نحو زرقة مائه، ولم يخرجها إلا جثة طافية، حيث اختلطت الدموع بين أصوات تشهق من الفرح، وأخرى يجهدها الحزن لغياب صفيّة في الصمت، وبرودة الجسد.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

شجاعة صفيّة شجاعة صفيّة



GMT 21:52 2025 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

نفط ليبيا في مهب النهب والإهدار

GMT 21:51 2025 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

نموذج ماكينلي

GMT 21:51 2025 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

أخطر سلاح في حرب السودان!

GMT 21:49 2025 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

الإرهاب الأخضر أو «الخمير الخضر»

GMT 21:48 2025 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

الإرهاب الأخضر أو «الخمير الخضر»

GMT 21:48 2025 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

اللبنانيون واستقبال الجديد

GMT 21:47 2025 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

لا لتعريب الطب

GMT 21:46 2025 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

في ذكرى صاحب المزرعة

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 21:03 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

عشبة القمح تعزز جهاز المناعة وتساهم في منع السرطان

GMT 19:17 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الأسد السبت 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 18:59 2018 الجمعة ,12 تشرين الأول / أكتوبر

"حقيبة الأبط" تتربع على عرش موضة خريف وشتاء 2018

GMT 01:19 2018 الخميس ,25 تشرين الأول / أكتوبر

محمد رشاد ومي حلمي يتفقان على إتمام حفل الزفاف

GMT 20:07 2015 الثلاثاء ,07 تموز / يوليو

شركة "سامسونغ" تطلق غالاكسي في بلس" في ماليزيا

GMT 15:47 2014 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

شركة Xolo تطلق هاتفها الذكي متوسط المواصفات Opus 3

GMT 18:19 2013 الأحد ,08 كانون الأول / ديسمبر

ترجمة لکتاب صید الخروف البري لهاروکي موراکامي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates