كلهم لا يسوون غُرْزة

كلهم لا يسوون غُرْزة

كلهم لا يسوون غُرْزة

 صوت الإمارات -

كلهم لا يسوون غُرْزة

عوض بن حاسوم الدرمكي
بقلم -عوض بن حاسوم الدرمكي

تذكر كتب التاريخ أنّ الحاكم العبيدي العزيز أرسل لأمير الأندلس الحكم بن عبد الرحمن الناصر الأموي رسالةً يشتمه فيها ويحاول الانتقاص من قدره، كان حينها العزيز وآباؤه من قبله قد ضجّت منهم البلاد والعباد وادّعى بعضهم الألوهية وسنّ بعضهم القوانين الجائرة والأحكام المضحكة، بينما كان الحكم وأبوه من قبله قد جعلا الأندلس وعاصمتها قرطبة أعظم مملكة في كامل أوروبا ومنارةً للعلم والحضارة ومقصداً للعلماء والمفكرين والباحثين عن «فردوس» الدنيا، فلمّا قرأ رسالة العبيدي قَلَب الرسالة وكَتَب على ظهرها: «أمّا بعد، فقد عرفتنا فهجوتنا، ولو عرفناك لأجبناك، والسلام»، فلما بلغت الرسالة للعزيز العبيدي عضّ أصابع الندم وقال:«ليتني لم أشتمهُ فقد شتمتُ نفسي»!

مثل صنيع العبيدي الفاشل خرج علينا إعلام نظام قطر المهووس بِكُرْه أبوظبي وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد تحديداً بـ«شطحةٍ» جديدة هي لصيق بنهجهم الأرعن والصبياني في التعامل مع أزمتهم التي أوقعوا نفسهم بها ويحاولون عبثاً الهرب منها للأمام، وذلك بالادعاء أن حقوقيين في باريس يدرسون «إمكانية» المطالبة بمحاكمة أبوظبي بتهمة ارتكاب جرائم ضد الأطفال بسبب القصف الجوي باليمن.

الفضيحة الكبرى أن قناة «جزيرتهم» كانت أكبر المتغنّين بوجود ألف جندي قطري في الحدّ الجنوبي ووجود عشرات الطائرات والمدرعات التي تشارك في العمليات الجريئة والمدمرة للأهداف المحدّدة بالداخل اليمني، ثم ما إن تم طردهم لانكشاف غدرهم وافتضاح مؤامراتهم مع الحوثيين والقاعدة تحديداً حتى «كفرت» الجزيرة وإعلام قطر بما كانوا يمتدحون أنفسهم به، وأصبح استهداف قوات الحوثيين وقوات علي صالح والقاعدة وداعش وتدمير مخابئهم ومستودعات أسلحتهم مما يوجب المطالبة بالمحاكمة الدولية، طبعاً هم لم يذكروا اسم المملكة العربية السعودية رغم أنّها من يقود التحالف العربي لإنقاذ اليمن لأنهم مازالوا يحلمون بأن يُحْدِثوا شرخاً بين المملكة وشقيقتها الإمارات، لا غرابة فيما يفعلون ولا عَجَب من وَصْفهم لقصف قوى الشر وجماعات الدم بأنهم أهداف مدنية، فهم وهؤلاء في خندق واحد، جميعهم اختاروا أن يكون «إخوان شريفة» ودُمى يحركها ملالي طهران وقُم من أجل دفع المشروع الفارسي التوسعي في منطقة شبه جزيرة العرب.

 

في كتابه (قطر وإسرائيل: ملف العلاقات السرية) يستفيض الكاتب الإسرائيلي سامي ريفيل عن علاقات نظام قطر بالحكومة الإسرائيلية و«انبطاحه» أمامها من أجل أن يكون لهذه الحكومة الكرتونية وضع مختلف في منطقة الشرق الأوسط، والتي ليس أدل على ذلك الاستجداء لبناء علاقات مختلفة مِن فَتْحِ سفارةٍ إسرائيلية في الدوحة في شكل مكتب ثقافي حتى لا يستفز المواطنين الشرفاء هذا التطبيع الفج، ومن قيام حمد بن خليفة ببناء مستوطنة كاملة للمغتصبين الصهاينة على أراضي الفلسطينيين، ثم دعوة شمعون بيريز مرتين للعاصمة القطرية في إحداهما حاضَر خلالها في مئات الشباب القطريين بإحدى الجامعات، وربما لن يكون مستغرباً حينها ونحن نرى تراميهم على أعتاب تل أبيب من انكشاف ذاك الخبر في شتاء 2013 وطائرة تابعة للخطوط الجوية القطرية تحط في مطار بن غوريون الإسرائيلي وتقوم بإنزال دفعة «فلاشا» جديدة قوامها أكثر من 60 يهودياً يمنياً قامت قطر«متبرعةً» بإجلائهم بعيداً عن نيران الحوثيين وعسكر علي صالح.

لا يحتاج صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان منّي أن أدافع عنه، فأياديه البيضاء في كل مكان وجهوده العظيمة لإعادة الأمن والاستقرار في الدول التي عبثت بها أيادي قطر الإرهابية لا ينكرها إلا متعامٍ، ومبادراته «الشخصية» العديدة لرعاية مشردي الحروب والقضاء على أمراض الأطفال والأوبئة وتوفير أساسيات الحياة للمجتمعات الفقيرة في شرق العالم الإسلامي وغربه أشْهَر من أن تُعَرَّف، ووقفته الخالدة مع أخيه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز هي ما أجهض المشروع الفارسي التوسعي، وأصاب إيران وأذنابها من حكومة قطر وأحزاب الخراب من إخوان ودواعش وقاعدة وحزب لات بالسُّعار واستهدافه شخصياً بالتلفيقات التي تتقنها آلة الإخوان الإعلامية، ولكن الحال لا يعدو قول الشاعر: كم سَيّدٍ مُتفضِّلٍ قد سَبَّهُ مَن ليس يسوى غُرزةً في نَعْلِهِ.

تتكلم حكومة قطر عن الإرهاب منددة تماماً كما كان يتحدّث عنه المجرمون أربابه وزبانيته أمثال شارون وشامير وكما يتحدّث عنه مجرمو اليوم كبشار الأسد وخامنئي وقاسم سليماني وعلي صالح، ألم يفضح حكومة «الكراتين» هذه مرشدها القرضاوي وهو يؤكد أن قطر خلف ثورات الربيع العربي؟ ألم تتبرَّع طواعية بفتح مطارها وقواعدها العسكرية للطائرات الأميركية لقصف المدنيين البسطاء في أفغانستان ثم خرج من قاعدة العديد الأميركية القصف الهمجي على العراق؟ إن دماء الملايين الذين سقطوا بين قتيل وجريح من العرب والمسلمين في رقابهم مهما حاولوا إشغال الناس بتفاهات وشوشرة الصبيان التي يفتعلونها ظنّاً منهم أن الناس ستنسى أو يسهل خداعها كما كان الوضع قبل ظهور وسائل التواصل الإجتماعي الذي كشف نفاق ودجل إعلام قطر!

ولأن الشيء بالشيء يُذكَر، وكما حاولوا الإساءة لقامة عظيمة كالشيخ محمد بن زايد فإنّ حكومة الغدر القطرية صدمت الإيرانيين وليس العالم فقط عندما قالت بأن حكومة الملالي الإجرامية هي «حكومة شريفة»، ولم تخجل من المشاركة في مناورات الحرس الثوري الإيراني، ولم تستحِ وأكذوبة الفدية تنكشف لتخرج للدنيا أنها دفعت 700 مليون للحشد الشعبي الذي لا هدف له إلا استئصال السُّنّة وتغيير العراق ديموغرافياً وإلحاقها بإيران لتكتمل محاصرة وتطويق دول الخليج والحرمين الشريفين، ودفعت 300 مليون لجبهة فتح الشام وهي فرع القاعدة الإرهابية، فضلاً عن دعم فرق الموت والتخريب في سيناء مصر والتي ما زالت تسفك دماء الجنود المصريين، لكنها لم تجرؤ أن تمس شعرة «قطّة» إسرائيلية ولا جندي إسرائيلي، هنا تتضح الخيانات ومن يستحق أن يسحب من أقدامه ليحاكم دولياً بجرائمه التي يخجل منها حتى إبليس، ولكن يا «تميم» لو عرفناك لأجبناك!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كلهم لا يسوون غُرْزة كلهم لا يسوون غُرْزة



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 13:56 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أجواء حماسية وجيدة خلال هذا الشهر

GMT 09:22 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

أجواء إيجابية لطرح مشاريع تطوير قدراتك العملية

GMT 13:28 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أجواء حذرة خلال هذا الشهر

GMT 21:40 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

يتحدث هذا اليوم عن بداية جديدة في حياتك المهنية

GMT 08:30 2019 الجمعة ,18 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة تحضير بان كيك دايت شوفان سهل ومفيد

GMT 14:47 2019 الأربعاء ,19 حزيران / يونيو

فيفي عبده تردّ على منتقدي شكل حواجبها مع رامز جلال

GMT 18:22 2015 السبت ,06 حزيران / يونيو

صدور "حكومة الوفد الأخيرة 1950-1952" لنجوى إسماعيل

GMT 08:05 2015 السبت ,12 كانون الأول / ديسمبر

فلسطين ومفارقات حقوق الإنسان

GMT 08:09 2012 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

"بيجو" تحذر من انها لن تتراجع عن اغلاق مصنع لها

GMT 15:07 2017 الإثنين ,16 تشرين الأول / أكتوبر

أردنية تُنشئ مجموعة إلكترونية لتشجيع المرأة على النجاح

GMT 19:43 2020 الجمعة ,11 أيلول / سبتمبر

زلزال بقوة 4.3 درجة يضرب جزر الكوريل في شرق روسيا

GMT 07:51 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنيه المصري يرتفع أمام الدولار بنسبة 10.3% منذ بداية 2019

GMT 14:09 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

إليسا تعود لإحياء الحفلات في مصر وتلتقي بجمهورها

GMT 10:49 2019 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

"تويوتا" تعدل أحدث نموذج من سيارتها التي يعشقها الملايين

GMT 06:15 2019 الأحد ,14 إبريل / نيسان

هاني سلامة يفقد الذاكرة في مُسلسله الجديد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates