ميساء راشد غدير
لم تمر سوى أسابيع قليلة على لحظات استقبلناها نحن أبناء الخليج بفرح كبير للملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود في قمة الرياض الأخيرة التي انتهى فيها الخلاف بين بعض دول الخليج وبين دول أخرى، تلك اللحظات التي لا يمكن أن تنسى لأنها اختزلت الكثير من المعاني؛ حكمة قائد وبصيرته، وإجلال وتقدير يكنه قادة الخليج لملك اعتبروه أخاً عزيزاً وصديقاً مخلصاً، بل وأباً حريصاً على أبناء الخليج كلهم دون استثناء.
مرت الأسابيع سريعاً لتأخذنا اليوم إلى لحظات أخرى بعيدة عن مظاهر الفرح، تشييع جنازته بين إخوته وأبنائه وشعبه، بعد تسع سنوات من الحكم عمل فيها ملكاً وقائداً أحدث فرقاً ليس على مستوى المملكة العربية السعودية فحسب، ولكن على المستويين الإقليمي والدولي بمواقفه التي عرفت عنه، والقضايا التي تبناها، والمفاهيم التي غيرها، حتى بات الجميع ينظر إليه على أنه أحد القامات والقيادات التاريخية التي لن تنسى.
الإرث الذي تركه المغفور له - بإذن الله- الملك عبدالله بن عبدالعزيز كبير، تتعاظم فيه المسؤوليات، ولكن النهج الذي سار عليه والبناء الذي شيده أثناء فترة حكمه سيكون في أيد أمينة، تسير على النهج نفسه لتكمل ما بدأ به، وهو ما أكد عليه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود بأنه سيسير على نهج أبيه وإخوانه، وأنه سيكمل مسيرة أخيه الراحل الكبير.
الملك عبدالله بن عبد العزيز أسس لمستقبل الوطن والشعب، اهتم بقطاعي التعليم والصحة، ولم يترك فئة دون اهتمام، الكبير والصغير، الذكور والإناث، قفزت المملكة في عهده قفزات كبيرة، والأكثر أنه استطاع الحفاظ على الأمن والاستقرار فيها.
تلقت دولة الإمارات نبأ وفاة الملك عبدالله بن عبدالعزيز بردود أفعال امتزج فيها الحزن مع كثير من التقدير، ولا عجب في ذلك، فقد كان له الدور الكبير مع أخيه صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، في تأسيس وتنمية علاقات قوية في مختلف المجالات، وكانت مبادراته ومواقفه ذات تأثير إيجابي في الإمارات ودول المنطقة، لاسيما في قضايا الأمن الخليجي المشترك، ورأب الصدع، إضافة إلى القضايا العربية التي لم يتخل عن مسؤولياته فيها يوماً.
رحم الله الملك عبدالله بن عبدالعزيز، ووفق إخوته لإكمال المسيرة بعده، وعلى النهج نفسه.