ميساء راشد غدير
قرأت مقال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، عن الدول بين الابتكار والاندثار أكثر من مرة، وتوقفت عند فقرات أكثر عن غيرها، لا سيما تلك التي تتحدث عن الابتكار، وكيف يكون سبيلاً للمنافسة والاستمرار، وتوقفت عند فقرات أخرى عن مقومات هذا الابتكار، كالبيئة التي تشجع على الإبداع والابتكار، وتحرص على إطلاق طاقات الناس ومواهبهم..
وحاولت في كل قراءة أن أطبق ما أقرأه على دولة الإمارات، مؤسساتها وعلى أفرادها أيضاً، وتوصلت وقتها إلى حقيقة تقدم الإمارات في التنافسية، والتي تعود إلى وجود العوامل المشجعة على الابتكار أولاً، ووجود الأفراد المبدعين من أصحاب الطاقات والمواهب ثانياً، فلا مؤسسات من الممكن أن تبدع دون أفرادها، ولا يمكن للفرد المبدع أن يخرج إبداعه للنور ما لم تشجعه البيئة على ذلك.
ما تحدث عنه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد في البحث عن المواهب والمبدعين، مسألة لا بد أن يدركها كل مسؤول في الحكومة، بل ويعمل على وضعها في خطة عمله، إن أراد الابتكار والإبداع وإن أراد التنافسية مع باقي المؤسسات، فالعطاء العادي والمعتاد، لم يعد لم حساب في التنافسية، ولا يعتد بإنجازاته، لأنها دخلت في نطاق الروتين، فهل يدرك المسؤولون هذه الحقيقة ويعملون على استقطاب الكفاءات والمواهب والاستثمار في المواهب الموجودة بينهم، والتي ربما لا تفصح عن نفسها..
ولكن ابتكارها هو من يتحدث عنها؟ منذ خمس عشرة سنة وأكثر، كان همّ الإمارات تحقيق التميز في أداء مؤسساتها والعاملين فيها، وقد تحقق بدءاً في دبي مروراً بالإمارات، انتهاء بالمستوى الاتحادي، حتى أصبح »التميز« كمفهوم مطلباً، بل ومقياساً لاستمرار المسؤول وتقدير الموظف، و»التميز الحكومي« كمفهوم لم يعد كافياً في دولة الإمارات، رغم أنه بات أسلوب ومنهج عمل لا نقبل بأقل منه، فقد أصبحت تطمح للأكثر، وهو الابتكار.
في السابق، حمّلت المؤسسات الباحثة عن التميز المسؤولين والموظفين عبئاً حتى بات هذا العبء عادة لا يستطيعون العمل دونها، واليوم الإمارات تنادي بالابتكار والإبداع قاطرة لنهضة الشعوب، إذ لا وجود في العالم اليوم إلا لمبدع ومبتكر، وواجبنا جميعاً أن نبحث في كوامن أنفسنا، عن أفكار مبتكرة، وطاقات تلهم للإبداع، لنستمر بكفاءة وتنافسية، نتقدم بها على العالم، فهذا ما اختارته الإمارات لنا..
وما يجدر بنا الفخر به، عوضاً عن الخيار الأسوأ، وهو الاندثار بين الروتين والرتابة. مقال سموه لم يخاطب دولاً فحسب، بل حكومات ومؤسسات تتحمل مسؤولية إطلاق طاقات شعوبها، وتقدر عقل الإنسان، فلا ابتكار دون أفرادها، ولا أفراد مبتكرين دون دعم مؤسساتهم، مسؤوليهم وحكوماتهم، فهل أدركنا ذلك جميعاً؟!